آه يا زمن الداي والمروحة....بقلم الدكتور عبد الكاظم العبودي
آه يا زمن الداي والمروحة
خاطرة للدكتور عبد الكاظم العبودي
صورة حال اليوم في الجزائر ينقلها الفيسبوكيون بهواتفهم النقالة بمرح
ومتعة وحبور، حيث تقف الجموع امام ابواب المحاكم ...وقفات جمهور مكتضة ببعض
الاعلاميين وحتى توقف بعض الفضوليين وعابري السبيل وهي تتفرج على رجال فرنسا
وعصبها المالية وبطانة عصابة الفساد . ها هم منذ يومين يمثلون فرادى امام لجان
التحقيق في محكمة سيدي محمد وغيرها، هاهم قادمون أذلاء يواجهون مصيرهم بتهم الفساد
وتبذير وتهريب المال العام.
اليوم وقد بدا للبعض كأنه استراحة محارب، ربما خال من مشاهد التظاهرات المليونية ، بدى كأنه استرخاء للشارع المنتفض، ما عدا تلك النقاط الساخنة التي يطارد بها ابناء الشعب الغلابى، وبمتعة التشفي وزراء حكومة نور الدين بدوي حيث يطاردهم ويطردهم الشعب حيثما يتوجهون ويخاطبهم الناس بصراخ الاحتجاجات، متهمين اينما حلوا وارتحلوا بهتاف ( كليتوا البلاد يا سراقين) ، يعاملهم الشعب كسراق للمال العام وطفيليات تعفن الفساد ، وحيثما توجهوا تغلق امامهم ابواب المؤسسات الحكومية ويطرد السكان والعمال بعضا من وجوه ادارات الفساد وبعض موظفي الحكومة واتباع النظام البوتفليقي ووزراءه؛ حيث طرد اليوم والي تلمسان من مقره، وهرب والي العاصمة زوخ مرعوبا امام احتجاجات اهالي حي القصبة العريق بالجزائر العاصمة، وهم يشيعون بسخط وتذمر واحتجاج ضحايا سقوط بنايات قديمة سقطت على ساكنيها في الحي التاريخي العتيق، وحيث تنتظر بيوتهم الآيلة على السقوط وعود الترميم منذ قرابة 50 سنة وقد اكلت الادارات الفاسدة المنتالية ميزانيات الاعمار والترميم الضخمة.
حادثة سقوط مسكن في حي القصبة راح ضحيتها اليوم خمسة شهداء، وعدد كبير
من الجرحى من ساكني و فقراء الحي ، جاء الوالي زوخ بحراساته ليستطلع الحالة هناك،
لكنه حوصر فهرب من المساءلة، ثم حوصر رئيس البلدية، حتى تمكن من الهرب هو الآخر،
ملتحقا بسيده الوالي الذي نهب العاصمة مع شلة من بطانة الفساد.... زوخ.. سيذكره
العاصميون طويلا وهو بهذه الصورة التي ستخلد في ذاكرتهم حيث، سجلت المشاهد المضحكة
والمبكية لاعوان النظام تصويرا بالصوت والصورة وتم النقل الحي على المباشر ليراها
الشعب الجزائري ويتابعها العالم.
ظلت فرنسا تنتظر التحرش بسفارتها ورموزها وتحلم ادارة قصر الاليزية
باحلام وهمية مريضة مثل حادثة استعادة حكاية رمي الداي حسين بالمروحة بوجه قنصلها
لتقرر حينها غزو الجزائر وتجهز جيوشها وتعبر باساطيلها لتحتل الجزائر في 5جويليه
1830. فرنسا الاستعمارية كأي استعمار غبي لا يتعلم دروس التاريخ وهي لازالت تمني
نفسها بتحرش الحراك الشعبي المنضبط بسفارتها او دبلوماسييها ولو برمية حجر او ضربة
عصا او هشة مروحة
.
ورغم تدخلها المفضوح والمباشر بالشأن الجزائري ظل الجزائريون
يعاملونها بلياقة جزائرية ودبلوماسية حضارية ذكية حتى ضاق صدرها وهي تتفرج على
تساقط بيادقها واعوانها التي بسمرتهم بلوح وسفينة الجزائر على مدى 190 عاما ،
وهاهم أمامها في مشهد درامي بات يؤرق رئاسة ماكرون. فعوض نقل الاحتجاجات نحو مقر
السفارة الفرنسية باعالي حيدره؛ ولم يحدث ذلك.. حتى فقد السفير الفرنسي صبره، وهو
من بادر بالاحتجاج، والخروج للمواجهة العلنية والتلويح الباطني بالتدخل .
توالي النكسات والصدمات والضربات المركزة يفقد فرنسا توازنها وسحبها
لساحة الصراع المكشوف. ولكن قوانين الثورة السلمية، وانضباط الحراك العالي أجبر
العالم وفي مقدمتهم فرنسا على الاقرار بسلمية التغيير، و ان المعركة تتم بنقلات
حضارية محسوبة ليحرز الشعب الجزائري بها معركته النهائية .
الان يبدأ الفرز الثوري.. الشعب والجيش والنخب الوطنية النزيهة تصطف وتتوحد ضد فرنسا، والجزائر تعرف كيف تقود مسيرتها وكنس طوابير فرنسا وكلابها..
والحراك يتفهم صيرورته ومساره وهدفه القريب والبعيد؛ فلا موقف وسط.. او محايد هنا عندما يتعلق الموقف بمصير واستقلال بلد المليون ونصف المليون شهيد.
وان غدا لناظره قريب.
Reacties
Een reactie posten