الحكومات والشعوب/ بقلم د- فالح حسن شمخي

الحكومات والشعوب 

د- فالح حسن شمخي

الحديث بهذا الموضوع يضع كاتبه في دائرة الاتهام ، وبالمقابل فأن الصمت يؤلم ، مالذي يفعله رجل يعيش في السويد يراقب حركة الشعب والحكومات السويدية وحركة  الشعوب والحكومات الاوربية في مجال السياسة والاقتصاد والاخلاق ، وبالوقت نفسه يتابع حركة الشعب والحكومات العربية ، اقول الشعب العربي لاني اعرف جيدا ان اللغة والتاريخ المشترك والشعور المشترك والتطلع الى المستقبل الافضل ،  هما من اهم مقومات الامم والشعوب ، واقول الشعب العربي لان الاكثرية التي تعيش على المنطقة الجغرافية التي نسميها خارطة الوطن العربي هم عرب ، وهنا اقف حائرا امام مصطلح الشرق الاوسط الذي يتداوله حتى المثقفين العرب .


نعود الى الحديث عن الشعوب الاوربية التي لاتجتمع على لغة واحدة وان تاريخها ملطخ بالدماء الناتجة عن الحروب الدينية والحروب السياسية ، لقد غادر الاوربيون عصر محاكم التفتيش والاقطاع والحاكمية المستمدة من الله منذ  ٢٠٠- ٣٠٠ عام كما نرى ، وان  المواطن الاوربي اليوم يعرف المعنى الحقيقي للديمقراطية ويعرف لمن يعطي صوته في الانتخابات ويعرف لماذا ومتى يخرج بتظاهرات ، وان المواطن الاوربي تحرر من الدين الذي تركه  داخل الكنيسة ، والاوربي تحرر من العصبية القبلية والفئوية والمناطقية ، والمواطن الاوربي لاينافق ولايجامل ولا يسرق بلده  ، هناك من يعتقد ان هذا الكلام غير صحيح  ،فالاوروبي حسب اعتقاده منافق ومجامل وسارق ، اقول ، نعم الحكومات الاوربية البراغماتية تفعل ذلك في تعاملها مع دول العامل  الثالث ، تسرق خيرات الشعوب من اجل رفاهية شعوبها  ، لكن  الشعوب الاوربية براء من هذه التهمة ،  فالمعروف ان الحكومات الاوربية تستمد شرعيتها من الشعب وهي تخاف من المواطن الاوربي كما يخاف المواطن العربي من حكوماته ، ولان الحكومة الاوربية تستجدي صوت المواطن بالانتخابات  ، والدليل على ذلك،  الانتخابات التي حدثت اخيرا في ايطاليا والسويد ، فالشعب قال كلمته استنادا الى مصالحه .

فلا نفكر كثيرا بنظرية المؤامرة ،  ولاتفكروا ارجوكم بالدولة العالمية العميقة ، فمايحدث في اوكرانيا يؤكد على الصراع في اوربا صراع مصالح وهو صراع يستمد شرعيته من الفلاسفة والمفكرين الاوربيين ونظرياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


ماتقدم لايرضي البعض من العرب وفي مقدمته الاسلامويين الذي يرجعون بالاحداث المعاصرة الى زمن رسولنا الكريم ، فأي شيء يحدث يقولون عنه ( نبهنا رسول الله الى ذلك الحدث قبل ١٤٠٠)، حتى الكورونا تعامل معها البعض منهم معها استنادا لنفس القول ، وهناك البعض من الاسلامويين يرجعون بأي حدث الى مايقوله الولي الفقيه، وماتقوله ايران ومراجعها ، والبعض الاخر يستندون الى ابن تيمية ومحمد عبد الوهاب ، الكل يعرف ان تاريخ الرسول الكريم والصحابة قد كتب بعد مئات السنين وبالتالي فأن درجة  المصداقية ضعيفة ، فهم يتحدثون عن البرزخ ومنكر ونكير وعذاب القبر وكأنهم كانوا موتى فاحياهم الله ليحدثونا عن مشاهداتهم ، 


الحكومات العربية المعاصرة استغلت الدين والمتدينين بتخويف وارهاب الشعب العربي ، واستغلت مفهوم ( ولي الامر )، ابشع استغلال ، وبالتالي فالمواطن العربي يذهب الى الانتخابات بفتوى او ايعاز من رجل الدين ، واستنادا الى ولي الامر  ، و تحرك شيخ العشيرة في قيادة عشيرته كالقطيع في اي انتخابات .

هناك من العرب من يقول ان الشباب العربي واعي والنخبة والطليعة العربية موجود وتعمل ، السؤال هل اثرت النخبة بالجماهير ؟ الجواب هو أن  الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الاحتلال والانتخابات التي مكنتها من السلطة دليل على ضعف النخبة  .

وهناك من يقول بان الشباب العرب خرجوا في تظاهرات في السودان ومصر وتونس والجزائر ولبنان والعراق .

نقول ، وماهي النتيجة ، كل الذي نراه شعب يتناحر طائفية وعرقيا وفئويا ومناطقيا ، وحكومات تقود الشعوب بالسوط والسلاح ، تتعامل معهم كما يتعامل الراعي مع القطيع وفي الكثير من الاحيان  نجد ان الراعي ارحم من الحكومات ، يبدو ان كلمة الراعي مستمدة من الرعية او بالعكس ، لعنة الله على من اخترع كلمة الراعي وكلمة الرعية ، وكلمة السلطة والمواطن وكلمة الشيخ والمشيخة والملك والمملوك والسيد والعبد .


هل نستطيع مقارنة الشعب العربي بالشعوب الاوربية سياسيا اقتصاديا اجتماعيا ؟

 للاسف كلا ، كل الذي نستطيع قوله هو ان العرب يعيشون مثل الاوربين قبل ٢٠٠ سنة . السؤال هل هناك امكانية للثورة والتغيير لحصول الانسان العربي على حقه في الحياة ؟

وهل هناك امكانية التوزيع العادل للثروة في بلادنا العربية؟

 وهل سيحل العقل محل العاطفة ؟

 وهل سنتخلص من مفردة الراعي والرعية ؟ السيد والعبد ؟ ، الرئيس والمرؤوس ؟ ، السلطة والمواطن ؟ 

الجواب للاسف لا اعلم .

Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

العرب الاقحاح وهستيريا نجاح الفارسي بقلم الدكتور فالح حسن شمخي