السياسة العدوانية الأمريكية على الوطن العربي بين دوافع الأيديولوجيا والتوظيفات الاستراتيجية / دراسة بقلم د. محمد مراد

 السياسة العدوانية الأمريكية على الوطن العربي بين دوافع الأيديولوجيا والتوظيفات الاستراتيجية



د. محمد مراد

باحث وأستاذ جامعي

تقديم الدراسة:

تحاول هذه الورقة الوقوف على العوامل الحاملة التي حكمت المسار السياسي الأمريكي تجاه الوطن العربي منذ مطالع الأربعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين) وحتى الرئيس الحالي "جو بايدن" الذي يسجل الرقم 46 في المسلسل التتابعي للرؤساء الأمريكيين.

إنَّ استقراءً علمياً للسلوك السياسي الأمريكي من شأنه الخروج بقانون تاريخي يحكم على ثوابت السياسة الأمريكية من منظور المصالح الاستراتيجية وهي مصالح ثابتة في الماضي والحاضر وستبقى ثابتة أيضاً في المستقبل.

لقد عرف المسار السياسي الأمريكي تجاه الوطن العربي منذ تبلور المكوّنات الحديثة للنظام الإقليمي العربي في نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، عرف المراحلية المتدرِّجة عبر ثلاث مراحل مختلفة من حيث التكتيك إلا أنها منسجمة ومتكاملة من حيث التوظيفات الإستراتيجية:

الأولى: مرحلة الاحتواء.

الثانية: مرحلة التحييد والإخراج.

الثالثة: مرحلة الاحتلال العسكري المباشر.


لم يسبق للسياسة الأمريكية، وعلى مدى العقود السبعة الماضية أن استجابت إيجاباً لمصلحة وطنية أو قومية عربية، لا بل إنّ جُملةَ المتغيرات التي كانت تطفو أحياناً على سطح العلاقات الأمريكية-العربية، لم تخرج عن كونها متغيرات ظاهرية أقرب إلى التكتيكات الظرفية على قاعدة ثابت استراتيجي يتمحور حول هدف مركزي يقوم على تطويع النظام العربي في الاتجاه الذي يستجيب لحاجة أمريكية-صهيونية مزدوجة:

1- المساهمة في إعادة إنتاج الحراك التراكمي لرأسمالية المركز أو رأسمالية الذروة الأمريكية.

2- توفير المناخات الملائمة الكفيلة بإنجاز مشروع الصهيونية التوراتي في إقامة "الدولة اليهودية الكبرى" في قلب المجال الجيوسياسي الحيوي للوطن العربي الذي يجمع بين مرتكزات أربعة: مكة – القاهرة – دمشق – بغداد.


الثوابت الإستراتيجية في السياسة الأمريكية تجاه الوطن العربي:

ثمة ثابت مركزي في السياسة الخارجية ا لأمريكية تجاه الوطن العربي والعالم هو الثابت الأيديولوجي أو (أيديولوجيا التفوق) فقد شاعت مقولات عديدة ربطت بين البسيكولوجيا والاقتصاد الرأسمالي، منها، على سبيل المثال لا الحصر:

- العملاق الأمريكي.

- أمريكا المارد العالمي.

- القرن الحادي والعشرون هو قرن أمريكي بامتياز.

- أمريكا مدينة على التل أي فوق العالم.

- الله هو الذي خصّها لقيادة العالم. وهنا ثمة مقاربة مع روما-مدينة الاله جوبيتر-اله السماء ورمز العظمة، فهو الذي منح روما أن تكون عاصمة لإمبراطورية عالمية هي الإمبراطورية الرومانية التي حكمت العالم لقرون عديدة...

في كتابه "نهاية التاريخ" ربط فوكوياما بين التيموسية الأفلاطونية (العنصر المتفوق في النفس الإنسانية) ومبدأ النيتشوية التي تمجد القوة لإثبات الذات. وكذلك فعل هانتغتون الذي راح يُعظّم "حضارة القمة" الأمريكية في مقولة "صدام الحضارات".

هذه المقولات كانت نتاجاً ثقافياً طبيعياً لقفزات الصعود الخطي الذي عرفته الرأسمالية الأمريكية في تحولها من إمبريالية الدولة في منتصف القرن العشرين إلى إمبريالية ذات فضاء إمبراطوري في نهايته.

أما الدلالات التي تعكسها هذه المقولات فأبرزها اثنتان:

الأولى: ثمة تلازم بين عظمة التفوق الأمريكي ومقولة "اليهود شعب الله المختار"، وأن البشرية تُسلّم بقيادة اليهود نحو الفضيلة!

الثانية: أن المقولات المشار إليها ليست سوى إسقاطات أيديولوجية تُقدم المبرر الإلهي-الديني لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية واستعمارية على حساب قهر الشعوب ونهب ثرواتها واستلاب حريتها.


مركزية الوطن العربي في الاستراتيجية الأمريكية:

يتميز المجال الجيوسياسي للوطن العربي بأربع خصوصيات على درجة عالية من الأهمية:

الأولى: الموقع الجيو-استراتيجي (قلب العالم).

الثانية: المخزون النفطي (أكثر من ثلثي المخزون العالمي).

الثالثة: الجيو إسلامية للجغرافية العربية لسببين:

1- أنَّ هذه الجغرافية هي قلب الموجة بالنسبة للإسلام.

2- أن الكتلة العربية-الإسلامية هي كتلة وازنة عالمياً.

الرابعة: وهي أن المجال الحيوي العربي بنقاط ارتكازه الأربع شبه الجزيرة، مصر، بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، هو مجال الفرصة لتحقيق مشروع صهيوني مدفوع بنزوع أيديولوجي ديني تبريري يتخذ من مقولتي "شعب الله المختار" و "أرض الميعاد" تبريراً لإقامة الوطن القومي اليهودي في قلب المجال الحيوي العربي (من الفرات إلى النيلٍ).


على قاعدة هذه الخصوصيات المشار إليها، وعلى قاعدة المصلحة الأمريكية-الصهيونية، كانت الثوابت الاستراتيجية للسياسة الأمريكية تجاه الوطن العربي. أبرز هذه الثوابت كانت التالية:


الثابت الأول: التجزئة:

من سايكس-بيكو إلى احتلال العراق، كانت التجزئة ثابتاً استعمارياً غربياً بريطانياً-فرنسياً حتى الحرب العالمية الثانية، وأمريكياً بعد ذلك. فالتجزئة، في المنظور الأمريكي تستجيب لثلاثة أهداف كبرى:

الأول: الحؤول دون قيام قطبية عربية قادرة بموقعها الجيو-استراتيجي وثرواتها الاقتصادية والبشرية، على منافسة القطبية الأمريكية الساعية إلى تكريس أحاديتها في عصر العولمة.

الثاني: الحؤول دون قيام كتلة عربية-إسلامية قادرة على أن تُقدم للعالم نموذجها الإنساني في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والعلاقات الدولية (الإسلام البديل للرأسمالية).

الثالث: التجزئة المساعد الأكبر على استكمال حلقات المشروع الصهيوني في إقامة "الدولة اليهودية الكبرى". وهنا يكمن التلازم العضوي بين رأسمالية الذروة الأمريكية والصهيونية كضرورة لهذه الرأسمالية.


الثابت الثاني: تصفية مواقع القوة في المشروع النهضوي العربي: 

وذلك من خلال:

1- سياسة الاحتواء السياسي والاقتصادي والثقافي للنظام الإقليمي العربي (احتواء مشروعات الوحدة العربية منذ مشاورات 1943، مروراً بقيام جامعة الدول العربية والمشروعات الوحدوية التي تلتها، وصولاً إلى انفصال الوحدة المصرية-السورية عام 1961).

2- سياسة التحييد للقوى الوازنة عربياً:

1- إسقاط عبد الناصر بالواسطة الإسرائيلية إثر هزيمة 1967.

2- إسقاط مصر في كامب ديفيد وانسحابها من القضايا القومية العربية وفي مقدمتها قضيتا الوحدة وفلسطين.

3- تفريغ الوحدة العربية من قاعدتها المادية المتمثّلة بالثروة النفطية؛ لا سيّما في بلدان الخليج العربي، وذلك عبر احتواء النظم السياسية لهذه الدول، والتشجيع على إقامة الدولة النفطية الريعية المعوّقة للوحدة ولمشروعات التكامل العربي.


3- الاحتلال العسكري المباشر للعراق وإسقاط نظامه السياسي ودولته المركزية بهدف إجهاض تجربته الوطنية وتصفية مشروعه الوحدوي النهضوي الذي يدعو إلى قيام الدولة-الأمة في الوطن العربي على قاعدة التلازم النضالي بين التوحّد القومي والتحرر السياسي والاجتماعي.


الثابت الثالث: اللاإستقرارية في الوطن العربي:

أمريكا بنشاطها السياسي والدبلوماسي والمخابراتي وقفت وما تزال تقف وراء العديد من التوترات والأزمات العربية. وهذا ما يظهر جلياً في الوقت الراهن، من خلال:

1- الحضور العسكري الأميركي في حرب الابادة الصهيونية على قطاع غزة، الى جانب الحضور السياسي والدبلوماسي للمساندة “، حيث استخدمت الفيتو في مجلس الأمن الدولي لأسقاط مشروع قرار يقضي بوقف الحرب العدوانية الصهيونية على غزة، وهي الحرب التي اوقعت عشرات الآلاف من الضحايا من المدنيين العزّل.

2- الوقوف وراء الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والمالية في غير قطر عربي، كل ذلك بهدف الاستجابة لتحقيق استراتيجيتها في قيام شرق أوسط جديد أميركي تعمل على توظيفه في سعيها للاحتفاظ بأحاديتها القطبية للتحكم بالنظام الدولي للقرن الحالي. 

3- السعي الحثيث لإنتاج سلسلة من الدويلات العربية على اساس المذهب والطائفة والعرق والعشيرة والأسرة، تشكيلات تفضي الى اسقاط الدولة القطرية العربية كهدف ظرفي، لأسقاط مشروع الوحدة القومية كهدف استراتيجي نهائي. 


الثابت الرابع: التزام أمريكي دائم بضمان التفوق الإستراتيجي لإسرائيل

إسرائيل هي وليدة المشروع الرأسمالي الغربي في نزعته الكولونيالية. وإذا كانت الإمبريالية القديمة الأنكلو-فرنسية قد وفّرت المستلزمات الأساسية لقيام "الكيان-الدولة" لإسرائيل عام 1948، فإن الإمبريالية الأمريكية، التي تبوأت سدة الهرم الرأسمالي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، التزمت تنفيذ الحلقات المتبقية من المشروع الصهيوني في إقامة "الدولة اليهودية الكبرى" من الفرات إلى النيل أي في قلب المجال الحيوي للوطن العربي.


سؤال على درجة من الأهمية: لماذا استمرت إسرائيل التزاماً أمريكياً ثابتاً في دعمها وضمان تفوقها في المنطقة العربية؟ للأسباب التالية:

1- لأنها تمثل إنتاجاً دائماً للتجزئة، فهي نقيض أساسي للوحدة العربية، ولكل محاولة للتوحد العربي أو لمشروع نهضوي عربي.

2- الحضور الصهيوني الفاعل في الإدارة والاقتصاد والسياسة في الولايات المتحدة. وهذا ما يدلّ عليه وجود مجموعات ضغط مؤثرة ومنها:

1- منظمة AIPAC (اللجنة الإسرائيلية للشؤون العامة الأمريكية): في كثير من الأحيان كانت هذه المنظمة تحصل على تواقيع 94 عضواً من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ على أكثرية بياناتها.

2- اللوبي الأمريكي المؤيد لإسرائيل، وجلّ أعضائه من النخبة المثقفة، ومن المفكرين الليبراليين الأمريكيين. برز هؤلاء بعد "النصر" الإسرائيلي في حرب حزيران 1967، بحيث جاء هذا "النصر" ليدفع بالكثير من هؤلاء الممجدين للقوة إلى الصهينة. كانوا يشكلون قطاعاً كبيراً في الرأي الأمريكي النافذ، وهم ليسوا يهوداً بالضرورة.

3- في عهد بوش الابن (20/1/2001 لغاية 20/1/2009) سبعة وعشرون (27) نافذاً من اللوبي الصهيوني-الأمريكي، أمسكوا بالمفاصل الحساسة في الإدارة البوشية الحاكمة، وهم الذين دفعوا هذه الإدارة وبقوة إلى الحرب على العراق واحتلاله عام 2003.

3- دلالة ثالثة تؤكد مدى التزام أمريكا بتفوق إسرائيل الاستراتيجي، تتمثل بوقوف أمريكا إلى جانب إسرائيل لجهة احتفاظ هذه الأخيرة بقوة ردع نووية ضاربة. بالمقابل إصرار أمريكا على حرمان أي دولة عربية أو إسلامية من امتلاك أو توطين التكنولوجيا النووية حتى في مجال الاستخدام السلمي. وربما تسعير حرب باكستان اليوم بهدف الإمساك بالبرنامج النووي الباكستاني خشية من أن يتحول في المستقبل إلى قوة في باكستان إسلامية.


الثابت الخامس: الإبقاء على دور النفط العربي في إعادة إنتاج نظام الذروة الرأسمالي الأمريكي:

ثمة ترابط وثيق بين تنامي الرأسمالية الأمريكية وسياسات الاختراق المكثف لمنطقة الخليج العربي بدءاً من مطالع الثمانينيات من القرن العشرين، وإدخالها في دوامة الأزمات والحروب تبريراً لحضور أمريكي سياسي وأمني وصولاً إلى احتلال ثلاثي الأوجه:

الأول: احتلال عسكري مباشر للعراق (نيسان 2003).

الثاني: احتلال غير معلن لدول مجلس التعاون الخليجي من خلال الحضور العسكري الوازن في غير دولة خليجية. وهذا ما تدل عليه بوضوح المعاهدات الدفاعية المبرمة مع دول المجلس لا سيما بعد أزمة الكويت-العراق (آب 1990).

الثالث: احتلال مقنع للنفط من خلال تحول الشركات البترولية الأمريكية وغير البترولية إلى شريك نفطي في الخليج من جهة، ومن خلال امتصاص رأسمالي أمريكي حاد وعنيف للعائدات النفطية عبر أساليب ووسائل عديدة ومتنوعة من جهة أخرى.

أما المساهمات المباشرة وغير المباشرة للنفط الخليجي في إعادة إنتاج نظام الذروة الرأسمالي الأمريكي فكانت:

1- عن طريق الشركات البترولية الأمريكية (اكتشاف، تنقيب، تجهيزات، تصنيع، تسويق).

2- عن طريق الإيداع والاستثمار داخل أمريكا. هناك تقديرات للفوائض النفطية الخليجية في الولايات المتحدة وحدها تقدر بحوالي 1.5 تريليون دولار (1500 مليار $). هذا، وقد بلغت حصة دول الخليج الست في سندات الدين الحكومي الأمريكي (سندات دين طويل الأمد) 20% لعام 2006.

3- الخليج سوق حيوي للأسلحة الأمريكية: 

عام 2001 سجلت موازنة الدفاع الخليجية (أي في دول مجلس التعاون الست) حوالي 38 مليار دولار. وبهذا الرقم احتلت هذه الدول المرتبة الأولى عالمياً بين الدول المستوردة للسلاح، وكانت الولايات المتحدة في مقدمة الدول المصدِّرة للأسلحة إلى دول الخليج في العام المشار إليه.

4- حيوية السوق الخليجية للسلع الأمريكية الجاهزة:

عام 1996 سجَّلت دول الخليج العربية الواردات من الدول العالمية وفقاً للنسب التالية:

62% من الدول الصناعية الغربية.

16% من الدول العربية والإسلامية.

17% من الدول النامية.

9% من بقية دول العالم.

أما النتائج المباشرة التي تركتها توظيفات العوائد النفطية لدول الخليج العربية في الولايات المتحدة فقد أظهرت أن كل مليار دولار يدخل إلى أمريكا كودائع أو استثمارات أو ناتج من تصدير التكنولوجيا، بإمكانه خلق 20 ألف وظيفة عمل داخل الولايات المتحدة. فكيف إذا كانت الودائع الخليجية بالمليارات سنوياً؟


الثابت السادس: إلغاء مكوّنات الأمة العربية وتغييب خصوصيتها القومية

وذلك من خلال الترويج الإعلامي المكثَّف لرابطة شرق أوسطية تتسع لهويات ثقافية متعددة ومختلفة؛ الأمر الذي يتيح للكيان الصهيوني تسويقاً لثقافته الإلغائية لكل ما هو تراثي عربي أو إسلامي.

- النظام الشرق أوسطي هو بديل للنظام الإقليمي العربي، وكذلك لنظم إقليمية مجاورة (إيران، تركيا، باكستان، أفغانستان...)، الأمر الذي يتيح لإسرائيل أن تلعب دوراً مركزياً اقتصادياً، وتكنولوجياً، وأمنياً، وسياسياً.

- الشرق أوسطية ليست سوى إنتاج تجزئة جديدة وفقاً لمعايير إثنية وطائفية وثقافية؛ بحيث تلغى معها دولة سايكس-بيكو التي أنشأتها الإمبريالية القديمة الأنكلو-فرنسية، لتظهر هذه المرة دويلات الإثنيات والمذاهب المخططة في مشروع صهيو-أمريكي كي يتحول معها الشرق الأوسط إلى مسرح لحروب مفتوحة بين الأعراق والطوائف المتعددة، وتكون هذه الحروب بمثابة صراع بديل للصراع العربي-الصهيوني.

الثابت السابع: إسقاط الأنظمة الممانعة للمشروع الأمريكي-الصهيوني:

من هنا، كان الاحتلال العسكري الأمريكي المباشر للعراق؛ ذلك أنَّ مثل هذا الاحتلال يحقق لأمريكا وإسرائيل جملة من الأهداف، هذه أبرزها:

1- كسر الحاجز الذي يحول دون تمدد حلف شمال الأطلسي ممثلاً بطرفه التركي إلى الخليج العربي تمهيداً للتمدد إلى كل العمق العربي.

2- كسر الحلقة العراقية بوصفها العمق الاستراتيجي لأمن سوريا، مقابل توفير شروط الفعالية للحلف الإسرائيلي-التركي (1998) بهدف تمكينه من إسقاط المنطقة العربية أمنياً واقتصادياً وسياسياً وصولاً إلى إسقاطها قومياً بالترويج لرابطة شرق أوسطية بديلة.

3- الإمساك بالموقع الجيو-استراتيجي للعراق بوصفه المفتاح الشرقي للوطن العربي.

4- من أجل إعادة الاعتبار التاريخي لخط الحرير السابق الذي كان يربط آسيا الوسطى بمدينة البصرة العراقية، وذلك عبر تحويله هذه المرة إلى طريق لنقل نفطي بحر قزوين إلى موانئ العراق الجنوبية في البصرة، والبكر، والفاو، وسواها.

5- التحكم بالمخزون النفطي العراقي، وهو مخزون قدَّرته الإحصاءات بحوالي 400 مليار برميل أي ما يمثل حوالي 35% من الاحتياطي العالمي، وبعُمر نفط يصل إلى حوالي 526 سنة هو الأطول في العالم.

6- إسقاط التجربة الوطنية-القومية للعراق (1968-2003) وهي التجربة التي:

1- حرَّرت الثروة النفطية وحوَّلتها إلى ثروة وطنية وقومية بفعل قرارات التأميم (حزيران 1972).

2- وظَّفت العائدات النفطية في خلق قاعدة تصنيعية متميزة تضاهي الدول الصناعية في ألمانيا وبريطانيا وسائر دول أوروبا الغربية.

3- أخذت بمبدأ الكنزية الاقتصادية من خلال تدخل الدولة في إحداث توازنات السوق وخاصة بين القطاعين العام والخاص.

4- شجعت على التطوير التقني من خلال إعداد العلماء وفتح العديد من مراكز للبحوث العلمية بهدف توطين التكنولوجيا بخصوصية عراقية دونما حاجة لنماذج الغرب والاستسلام لها.

5- أظهرت التزاماً صارماً بكل القضايا القومية وفي طليعتها القضية الفلسطينية بحيث أكدت دائماً على المعادلة التالية: فلسطين طريق الوحدة العربية والوحدة العربية الطريق إلى فلسطين.


خاتمة: شروط المواجهة للمشروع المزدوج الأمريكي-الصهيوني:

أولاً: التأكيد على الضرورة التاريخية لقيام مرجعية قومية قادرة على إنجاز المشروع النهضوي العربي.

ثانياً: توصيف الانكشاف الاستراتيجي لعوامل الضعف والتخلف في الأمة العربية وتعيين المخاطر المحدقة بها بهدف تسهيل عملية معالجتها.

ثالثاً: التخطيط لمشروع نهضوي قومي يأخذ بمبدأ المراكمة أي أن تستمر عملية النهوض بالتواصل دونما انقطاع أو فراغ بين المراحل المتعاقبة.

رابعاً: توسيع دائرة الوعي المعرفي العربي الذي يبقى الشرط الأساس في بناء النماذج بخصوصيات عربية في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والتكنولوجيا وسواها.

خامساً: صياغة مضمون وحدوي في الخطاب القومي العربي المعاصر، خطاب يطرح الوحدة كخيار استراتيجي للنهضة العربية، ويتمتع بالقدرة على مواجهة التحديات باستجابات نوعية حاملة للمستقبل.

سادساً: اعتماد خيار المقاومة على قاعدة قومية المعركة في العراق وفلسطين وسائر الأقطار العربية الأخرى. فالمقاومة هي الردّ الإستراتيجي على استراتيجية الاحتلال الأمريكي-الصهيوني، والقادرة على إفشاله وإخراجه من المنطقة.

   الثابت الاستراتيجي الأميركي في تفكيك المجال الجغرافي السياسي العربي منعا لقيام حالة نهضوية عربية تعيد للأمة العربية حضورها الفاعل في قلب النهضة الانسانية للعالم، هذا الثابت لن يستمر البقاء الى الكثير من الوقت ، ذلك أن التحديات التي تضغط على الجماهير العربية سوف تتصدى لها أجيال الأمة، وسوف تقلب هذه التحديات الى استجابات نهضوية تعيد معها التوازن الداخلي الى المجالين الوطني القومي، وهو التوازن الذي يبقى يمثل نقطة الانطلاق نحو مستقبل عربي واعد..

إنّ السياسة الأمريكية الساعية إلى أمركة وصهينة المنطقة العربية لن تنتج سوى الخيبة والإخفاق والهزيمة.

وإذا كانت المقاومة في غزة وفلسطين اليوم قد سجّلت صمودا غير مسبوق في مواجهة التحالف الثنائي الأطلسي – الصهيوني، فإن هذا الصمود سوف يكون أنموذجا للأجيال العربية في اعتماد خيار المواجهة والصمود بتقديم خيار الكفاح الشعبي المسلح، وهو الخيار الذي استشرفه مفكر الثورة العربية المعاصرة ومؤسس البعث احمد ميشيل عفلق منذ أربعينيات القرن الماضي، على هذا الخيار يتوقف كسر إرادة المستعمر أميركيا كان أم صهيونيا أو مقنعا من غير جهة أخرى طامعة وحاقدة على الأمة العربية وعلى رسالتها في الإنسانية.

ان تجربة المقاومة الفلسطينية اليوم، وكذلك تجربة المقاومة الوطنية العراقية التي تصدت للاحتلال الأميركي، والتي الحقت به خسائر فادحة في الأرواح  بلغت باعتراف وزارة الدفاع "البنتاغون" ما يصل الى اكثر من سبعة عشر ألف قتيل من المارينز والمستأجرين بعقود مع الشركات ( _بلاك ويتر) وغيرها، اضافة الى نحو 65 الفا من الجرحى والمعوقين الذين باتوا خارج الخدمة، فإن هاتين التجربتين للمقاومة المسلحة في فلسطين والعراق، سوف تكونا ملهمتين للنضال الوطني والقومي من حيث تحولهما إلى استجابة نضالية لن تكتفي بتحرير فلسطين والعراق وإعادتهما إلى أصالتهما العروبية وحسب، وإنما ستبقى استجابة يمتد شعاعها التحرري العربي والإنساني إلى العالم كل العالم.


المصدر ...

صفحة المنبر الثقافي العربي الدولي 

الرابط ادناه ..

السياسة العدوانية الأمريكية على الوطن العربي بين دوافع الأيديولوجيا والتوظيفات الاستراتيجية

د. محمد مراد

باحث وأستاذ جامعي

https://www.facebook.com/100068302610301/posts/pfbid02KuxawNhwdbY8k8a6UdWghYUyetP1Vik95atgmvpKh3aWQYATWEiE3s9Hawnwcb5Xl/



Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

العرب الاقحاح وهستيريا نجاح الفارسي بقلم الدكتور فالح حسن شمخي