عِنْدَمَا يَتَقَشَعُ أَلْضبَابْ بقلم أ.د.ابو لهيب


عِنْدَمَا يَتَقَشَعُ أَلْضبَابْ


أَ. د . أبو لهيب

عندما كنا صغار ، الكبار يرشدوننا و يوجهوننا خصوصاً فى فصل الشتاء عندما يكون الجو بارداً والضباب كثيف يغطي كل الاماكن ، يقولون لنا : كونوا حذرين ، أن تتعثروا أو تقعوا فى حفرة أو تصدموا بشيء ما وتتاذون ، لان الجو ضبابية الرؤية لاترون أمامكم .   
        
لكوننا صغار كنا لا نفهم ماذا يقولون لنا الكبار ، أصحاب التجارب فى الحياة ، لذلك لَنْ نأخذ الارشاد والتوجيه بعين الاعتبار . وهكذا حتى اصبحنا كبار ، واصطدمنا بواقع الحياة ، آنذاك كنا نتذكر ماقالوا لنا الكبار،عندما كنا صغار ، وماهي الحكمة منه ، فى الماضي كان الضباب فقط فى الشتاء ، ولكن الآن فى بلدنا الضباب يغطي كل الاماكن فى الفصول الاربعة ولا نرى مايجري بصورة صحيحة ، لكون جميع الاحداثيات ضبابية الرؤية ، لذلك فى كثير من الاحيان نقع فى أخطاء كبيرة فى إعطاء الرأي والفهم للواقع .    
                     
منذ زَمَنْ طويل كنا نعتقد بان أمريكا وإِسرائيل عدو لدود لِإِيران ، لِأنَّ كثيراً ما نسمع فى وسائل الاعلام السمعية والبصرية هذا العدوان بِصُوَرٍ مختلفة ، كما نرى مجيئ قطعات بحرية كبيرة امريكية وانكليزية إلى الخليج العربي وخليج عمان وسواحل اسرائيل ، كما نسمع عبر وسائل الاعلام تهديدات الطرفين بأشد حالاتها ، حيث يصل إلى حَدٍ نقول غَدَاً تبداء أول شرارة للحرب ، عدى ذلك فى بعض الاحيان يحصل مِنْ الطرفين بعض المناوشات الخفيفة ، مثل حجز ناقلة نفطية كبيرة ، حاملة النفط الايراني فى مضيق جبل طارق ، وبالمقابل إيران قامت بحجز ناقلة إنكليزية فى مياه الخليج العربي ، وضرب ناقلة اخرى مركونة فى ميناء بحرين ، بالمقابل أمريكا هجمت على بعض معسكرات الحشد الشعبي فى العراق بواسطة طائرات المسيرة وَ آخر ما قامت به أمريكا وليست أخيرة ، قتل كل مِنْ قاسم السليماني و أبو مهدي المهندس وَ مَنْ معهم على طريق مطار بغداد الدولي ، علماً بِأن قاسم السليماني هو قائد العام لقوات الحرس الثوري ، وقائد فيلق القدس ، وجميع الميليشيات المتواجدة فى العراق وسورية ولبنان واليمن ، على اثر قتل هؤلاء بدأت ايران تطبل وتزمر ، وهكذا بالنسبة للميليشيات فى العراق والدول الاخرى ، هنا ايران ارادت ان تعرض عضلاتها لكي تبين للعالم بانها قوية ولا تخاف من امريكا وتتحداها قامت بقصف أكبر معسكر لامريكا فى العراق فى محافظة الانبار وهو معسكر عين الاسد ، كما قصفت معسكر آخر فى إقليم كوردستان/ محافظة أربيل ، وبدأ الاعلام يطبل ويزمر حول هذا الحدث ، لاقناع الراي العام بأن أمريكا و إسرائيل عدو لدود لإيران ، وكذلك ايران عدو لدود لهم ولا تخشى منهم    ولكن كل ذلك كان يحدث فى زمن ضبابي الرؤية ، ما كنا نرى أمامنا بوضوح ،  ولكن عندما انقشع الضباب ورأينا الاحداثيات على حقيقتها كان خلاف ما حدث تماماً . لاننا عندما نتصفح التاريخ ، نرى بان اسرائيل أعز صديق لإيران ، عدى ذلك اليهود مديون للفرس  ، لان الفرس فى عهد الأخمينين انقذوا اليهود مِنْ الاسر والعبودية وذلك فى سبي اليهودي الاول والثاني مِنْ قبل البابليين ، وعندما طردوا اليهود فى العراق أثناء إقامة الدولة اليهودية فى فلسطين ، توجهوا ايضاً الى ايران ، ومن ايران ذهبوا الى اسرائيل ، لذلك لا تتصور يوم من الايام امريكا او اسرائيل يضربون ايران ، لان ايران افضل صديق لهم ، وبدونهم لا يستطيعون ان يحققوا ما يريدون فى البلدان العربية ، وكل ما شاهدناه و نشاهده على مسرح الاحداث تمثيلية فقط لا غيرها وذلك لاقناع الدول العربية بأنهم اعداء لايران .                                                                                                       
الان بعد أن انقشع الضباب توضحت الرؤية الحقيقية لهذه المسرحيات ، واسبابها ، إن امريكا وإسرائيل يعتبرون الدول العربية المملؤة بالخيرات ، الشريان الاساسي للغرب ، لذلك تحاول امريكا أن تقول للدول العربية ، إِذا لم تكن امريكا تحميهم ، سوف ايران تحتلهم فى غصون يوم واحد ، على هذا الاساس امريكا جلبت قوة بحرية كبيرة لاتعد ولا تحصى ونشرتها فى الخليج العربي وبحر عمان وباب المندب ، وكذلك قبالة اسرائيل ، وتقول كل ذلك لحماية الدول العربية وخاصة دول الخليج ، ولكن فى الحقيقة لحماية مصالحها فى الشرق الاوسط من شرور روسيا والصين وكوريا الشمالية ، علماً بان مصاريف تلك القوة الكبيرة تتحملها دول الخليج ، لانهم البقرة الحلوبة بالنسبة لامريكا .   
                                             
ولتوضيح اكثر ناتي بموضوع قتل قاسم السليماني وابو مهدي المهندس ومَنْ معهم على طريق مطار بغداد الدولي نقول مَنْ اعطى لامريكا المعلومات الدقيقة لتلك العملية ، ولماذا ؟ نوضح لكم بان قتل قاسم السليماني وابو مهدي المهندس ليس بامر مِنْ امريكا بل بامر مِنْ ايران وتنفيذ امريكا ، لتوضيح اكثر إِنَّ قاسم السليماني لم يخضع لحكم الملالي و ولاية الفقيه بل هدفه الاساسي أَحياء الامبراطورية الهخامنشية التي كانت تحكم مِنْ اواسط الصين الى البحر الابيض المتوسط ، لذلك وسعت نفوذها فى ايران وخاصة بين القوات المسلحة واصبحت المسؤلة الاولى للحرس الثوري الايراني الذي اقوى مِنْ الجيش النظامي الايراني وكذلك قائد جيش القدس ، وجميع الميليشيات خارج ايران ، لذلك اعتبرت حكومة ولاية الفقيه قاسم السليماني خطراً عليهم ويجب تصفيته والا تكون ولاية الفقية فى خطر ، لذلك تمت تصفية قاسم السليماني ، وعين مكانه شخص موالى لولاية الفقيه ، كما ان ايران قامت بقصف أكبر معسكر لامريكا يدعى ( عين الاسد ) فى محافظة الانبار ، وكذلك قصفت معسكر آخر فى اقليم كوردستان ، محافظة اربيل ، حتى اعوان قاسم السليماني لا يقولون بان ايران لم تنتقم لقاسم السليماني ، هذا من جهة و من جهة اخرى رسالة للدول الخليج بان ايران لا تخاف من امريكا ، لانها الان فى منطق القوة ولديها اسلحة استراتيجية ، ولكن كل ذلك تمثيل فى تمثيل هنا نقول لجميع الدول العربية بعدما عرفت هذه الحقيقة ماذا ستفعلون وخاصة دول الخليج ، ننبه جميع الدول العربية اذ لم يتحدوا ويكونون يداً واحداً فان مصيرهم يكونون اسواء من الان بحيث يكونون عبيداً للغرب ، وجميع  خيرات بلادهم ياخذها الغرب وهم يبقون فى الضماء ، الطريق الوحيد لهم الوحدة العربية حتى يخلصون مِنْ ذلك الكابوس الذي على عاتقهم وعاتق الشعب العربي الابي منذ زمن طويل                                                      

Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

العرب الاقحاح وهستيريا نجاح الفارسي بقلم الدكتور فالح حسن شمخي