الكسندر دوغين والطريق الرابع / بقلم ..الدكتور فالح حسن شمخي

الكسندر دوغين والطريق الرابع 


الدكتور ..فالح حسن شمخي

من هو ألكسندر دوغين ؟

  هو سياسي و فيلسوف وباحث سياسي واجتماعي روسي، ومؤسس للمذهب الأوراسي الجديد. ويتجه نشاطه السياسي نحو استحداث إقامة دولة روسية عظمى عن طريق التكامل مع الجمهوريات السوفيتية السابقة،  وبالدرجة الأولى الأقاليم التي ينطق أهاليها اللغة الروسية مثل القرم وأوكرانيا الشرقية.

الكسندر دوغين يركز في نظريته على التراث الذي يميز الشعوب وهذا ماتحدث عنه في مقابلة على  قناة الجزيرة ، وتحدث عن روسيا والصين والغرب والاسلام ودور التراث والدين في التاسيس للدولة والهوية الثقافية ، هنا هو يتحدث عن الاسلام ويستثني ايران وباكستان ، اي يستثني غير العرب والسبب باعتقادي من موقفه بالضد من الفكر القومي الذي يعتقده فاشي ،  لانه يسقط على الفهم العربي للقومية ومعنى القومية الفهم الغربي وهنا فهو يرتكب خطأ كما ارتكب كارل ماركس خطأ حينما تحدث عن التطور التأريخي ولم يمر على البداوة في نظريته والتي كما نعتقد بأنه لم يعرفها ، الاسكندر  دوغين عرف القومية من خلال بسمارك الالماني وغاربالدي الايطالي. 

ولد “دوغين” في عائلة عسكرية في يناير 1962، وكان والده ضابطاً كبيراً في “الاستخبارات العسكرية السوفياتية” في هيئة الأركان العامة. ودرس في معهد موسكو للطيران. لكنه لم يكمل دراسته فيه لأسباب سياسية. ودافع فيما بعد عن أطروحة الفلسفة ليحوز على درجة الدكتوراه في الفلسفة ، كما دافع فيما بعد عن أطروحة العلوم السياسية لينال درجة دكتوراه الدولة في العلوم السياسية. وعمل دوغين بتوصية من والده في قسم الوثائق الروسية في “الكي جي بي” ونتيجة لاطلاعه ودراسته لهذه الوثائق التي لم يعلم بوجودها سوى قلة قليلة من الناس، استطاع البحث والتحقيق في الفاشية والأوراسية والنظريات المختلفة، ويكوّن آراءً بشأنها.

ألقى دوغين في ديسمبر/كانون الأول عام 2007 محاضرة في موضوع “النظرية السياسية الرابعة” عرض فيها  3 نظريات رئيسية للقرن العشرين: وهي النظرية الليبيرالية الغربية الرأسمالية التي ينتقدها ويقف بالضد منها والنظرية الشيوعية الماركسية ، التي يتفق معها فقط في التوزيع العادل للثروة اي مع الاشتراكية والنظرية الفاشية وهي النظرية القومية  ، وقال إن روسيا تسير وفقاً للنظرية الرابعة.

حزب البعث العربي الاشتراكي يقف بالضد من الرأسمالية الغربية ونموذجها الليبرالي ايضا ، والحزب له ملاحظات على  الماركسية والشيوعية ايضا ، فالحزب طرح  شعار الاشتراكية العربية ، التي تؤمن بالتوزيع العادل الثروة من خلال رفع الفقراء لمستوى الاغنياء ، وهنا يختلف مع الاشتراكية الشيوعية ، وكذلك يختلف معها في الملكية الفردية التي تعمل الاشتراكية الشيوعية على الغائها وبالتالي تحول الانسان ماكنة .

تحمل أفكار “دوغين” اسم “النظرية السياسية الرابعة”. تعرف موسوعة السياسة النظرية السياسية بأنها ” باب أساسي من أبواب علم السياسة. وهي مجموعة تحليلات وفروض وتصورات للنتائج، تفسر في ضوئها الظواهر السياسية، أي حول هوية الدولة: نشأتها وتطورها ووظائفها ونظمها وأهدافها. وترتبط النظرية السياسية بفهم معين للتاريخ والأخلاق والسلوك السياسي، كما أنها تضع في اعتبارها القيم والمبادىء السائدة والتكوين النفسي والتركيب الاجتماعي والتفاعل والصراع السائد فيه لتحديد اهدافها وغاياتها.  

وحتى تحظى أطروحة الرجل بأكبر قدر من المصداقية والقبول في الأوساط الروسية وبقية العالم، حرص على هدم أسس البناء الفلسفي الغربي، فنجده مثلا ينتقد بشدة المفهوم الغربي للحرية، ويصفه بـ”نموذج العبودية الأكثر إثارة للاشمئزاز، لأنه يدمر كل أشكال الهوية الجماعية، ويجعل الفرد متحررا من أي نوع من القيود، بما في ذلك الأخلاق، والهوية والضوابط الاجتماعية أو العرقية”، علاوة على أنه لا يتوانى في التبشير بانتفاضة عالمية على القيم الغربية، مشددا على ضرورة أن تبحث كل دولة عن طرق وآليات لبناء أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، انطلاقا من مبادئها الحضارية.

يطرح المفكر الروسي نظرية جديدة، تتقاطع جملة وتفصيلا مع فكر الحداثة الذي تتأسس عليه النظريات الثلاث الكبرى، الفاشية والماركسية والليبرالية. فالأولى، بحسب دوغين، أجبرت المكونات الاجتماعية بطريقة قسرية على الانضواء في مشروع عنصري، فيما تحولت الثانية إلى مجرد ديماغوجية فاقدة لأي رؤية مستقبلية، تعمل على التكيف مع مقولات النظرية المضادة، أما الثالثة، أي الليبرالية، من منظوره دائما، فقد جعلت الفرد باسم الحرية عبدا مملوكا للسوق والسلعة.

لذا يعود في محاولته التأسيسية إلى التقاليد، بما تعنيه من دين وعائلة وتراث وتنوع عرقي، لبناء النظرية السياسية الجديدة التي تعلن صراحة معاداة الرأسمالية، فهو يرى أن “المستقبل للمقدس لا للمستباح، للمطلق لا للنسبي، لهايدجر لا لديكارت، للتقاليد لا للحداثة، إنها لعودة العصور الوسطى، لعودة الأزمنة الكبرى الجادة، فالحداثة أفقها العدم، وهذه هي المشكلة الأعمق المتوارية خلف كل السياسات الدولية التي تنسجها العولمة الليبرالية المعاصرة”.

يقدم دوغين النظرية السياسية الرابعة على أنها نظرية الثورة وتصفية الاستعمار بالنسبة إلى المجتمع الروسي، فهي تدافع عن أصالة الحضارة الروسية وحقوق الإنسان، لكن ليس وفقا للقيم الغربية التي قال، “إنها ليست شمولية، وغير مقبولة في عديد من مناطق العالم، روسيا، الصين، العالم الإسلامي…”. يضمر الرجل وهو يفصل في نظريته، أفكار الفيلسوف الروسي نيكولاي برديائيف “1874 – 1948″، التي تحضر بقوة في نظريته، وتأكد هذا الاشتباك بين المفكرين، عندما طلب بوتين 2014 من رجال الدولة الروسية قراءة كتاب “فلسفة اللامساوة” الذي كان وراء طرد الشيوعيين صاحبه من الاتحاد السوفياتي.

تكتسي أفكار دوغين سمة خاصة، قلما يكون لها نظير في مؤلفات كتاب ومنظرين غربيين، لبقائه أطاريح هؤلاء وفية لأطر ومرجعيات المركزية الغربية، فلا رؤى ولا أفكار ولا نجاح بدون الغرب وبعيدا عنه، ويضفي تعدد مستويات التحليل التي تطبع كتابات الرجل على العوالم الفكرية لدوغين مسحة استثنائية، دفعت بكثيرين إلى اعتبار نظرية الرجل مثالية وليست واقعية، ولم يتردد البعض في وصفها بالأوهام الأيديولوجية القابلة

ارض دوغين من قبل ثلاث نظريات رئيسة ملأت الأجواء في القرن العشرين: النظرية الليبرالية، ثم النظرية الشيوعية، وصولأ إلى النظرية الفاشية، وإن لم يكتفِ بالمعارضة السلبية، إذ قدم رؤيته لما عُرف بـ"النظرية السياسية الرابعة"...

Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

العرب الاقحاح وهستيريا نجاح الفارسي بقلم الدكتور فالح حسن شمخي