ترامب يكشف عجز وفشل حكام العراق أمام العالم. د.بندر عباس اللامي.

  ترامب يكشف عجز وفشل حكام العراق أمام العالم.


د.بندر عباس اللامي

في خطابه الأخير بمؤتمر شرم الشيخ لم يكن دونالد ترامب بحاجة إلى ذكر أسماء ولا إلى التصريح بانتقادات مباشرة للنظام العراقي. بعبارة واحدة قال ما يعجز كثيرون عن قوله: “العراق بلد غني بالنفط لكنه لا يعرف كيف يدير نفطه.”

عبارة باردة لكنها كالسيف في خاصرة الحقيقة. فالرجل الذي يعرف تفاصيل ما يجري في بغداد منذ اليوم الأول للاحتلال لم يكن يتحدث بجهل بل بوعي استعماري عميق أراد أن يختزل فيه مأساة دولة أُسقطت لتُدار لا لتُحكم.


واضح ان ترامب لم يوجّه خطابه إلى العراقيين بل إلى جمهوره الأميركي !!ليقول لهم: “أنفقنا تريليونات على هذا البلد لكنهم فشلوا في إدارة أنفسهم.”

هكذا يتنصل من مسؤولية الفساد الذي صنعته واشنطن بأيديها ويحوّلها إلى “فشل محلي” ليبرر استمرار الهيمنة وكأن الاحتلال كان “فرصة” أضاعها العراقيون.


في جوهر خطابه تكمن الإهانة المقصودة فهو يعرف أن من يجلسون اليوم على كراسي السلطة في بغداد هم نتاج مشروع أميركي – بريطاني فاسد بعد 2003 وأنهم أُقيموا لضمان عراق ضعيف منقسم لا يهدد المصالح الغربية ولا يملك قراره السياسي أو الاقتصادي.

لكنه – ككل سياسي استعلائي – اختار أن يُحمّل العملاء مسؤولية الجريمة فقال ببساطة إن العراق لا يعرف كيف يدير خيراته متجاهلًا أنه هو من سلّم هذه الخيرات إلى فاسدين يرضخون له ولغيره.


ما قاله ترامب ليس مجرد رأي بل هو ملخص الرؤية الأميركية للعراق: بلد حضارة غارق في النفط لكنه عاجز عن استثمار ثرواته لأن من يحكمه لا يمثل إلا استمرارًا لسياسات الخارج ومصالحهم غير المشروعة!

اذن ترامب اراد هذه الصورة أن يرسخها أمام العالم: بأن العراق بعد احتلاله ليس بلدًا ذا سيادة بل ساحة فوضى يديرها من لا يعرف قيمة ما يملك.


والمؤلم أن هذه المرة لم يحتج العدو إلى أن يختلق الأكاذيب فالحقيقة باتت تُقال علنًا بلا حياء ولا دفاع.

فشل الساسة رسّخ تلك الصورة في أذهان العالم حتى صار بلد الرافدين مهد الحضارة يُقدَّم أمام المجتمع الدولي كبلد “لا يعرف كيف يدير غناه”.

لقد قال ترامب بوضوح ما لا يريد كل المسؤولين الفاسدين في العراق سماعه لكنه في الواقع لم يفعل سوى أن يضعهم أمام مرآة صنعتها أيديهم.

فمن يقبل أن يُدار وطنه من الخارج عليه أن يتحمل لحظة الإهانة حين يُذكّر العالم بأنه لا يعرف كيف يدير نفطه… ولا كيف يحكم نفسه.

 مصدر المقال

https://euro-times.com/2025/10/17/%D8%AF-%D8%A8%D9%86%D8%AF%D8%B1-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%B9%D8%AC%D8%B2-%D9%88%D9%81%D8%B4%D9%84/


Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

الاذاعة الكردية صوت وتاريخ اسكت عام ٢٠٠٣ بقلم / سيروان بابان