الانتخابات الصورية الاخيرة / بقلم د - فالح حسن شمخي
الانتخابات الصورية الاخيرة
د -
فالح حسن شمخي
لقد
ضحى الشعب العراقي بالاف الشهداء على مدى السنوات العجاف التي تلت الاحتلال
الامريكي و لعبة مايسمى الديمقراطية والانتخابات التي شارك فيها عدة مرات متوهما
بأنها الطريق الذي يقوده الى الخلاص من المفاسد والشرور التي اصابت حياته نتيجة
لما سمي بالعملية السياسية البائسة التي انتجها الاحتلال الامريكي وسلمها على طبق
من ذهب كما يقولون الى الاحتلال الفارسي البغيض وبدعم وامام نظر الاعراب .
كان من
نتائج الانتخابات الاولى التي جرت في العام الاول وتحت حراب الامريكي ، هو وصول
حكومة محاصصة طائفية وعرقية، تحولت من
خلالها الوزارات العراقية الى اقطاعيات ومحميات تابعة لهذه الطائفة او تلك، لهذا
العرق او ذاك وانشغل الحكام الجدد المدعومين امريكيا في النهب والسلب وبناء
الامبراطوريات المالية في خارج الوطن وداخله على حساب الشعب الكادح، الذي تحولت
تطلعاته في بناء دولة على غرار الدول النفطية المجاورة (استنادا للدعاية
الهوليودية قبل الاحتلال) الى الحصول على شيء اسمه التيار الكهربائي والغاز والنفط
الابيض والبنزين وربما النفط الاسود في دولة نفطية تحتكم على اعلى احتياطي نفطي في
العالم.
بالوقت
نفسه سخرت (الدولة ) امكانياتها التي تعتمد الانتاج النفطي والذي ارتفع سعره الى
مايمنحها امكانية كبيرة في بناء الوطن والانسان بناء عصريا يتناغم مع البناء
الحاصل في الدول النفطية العربية المحيطة بالعراق لخدمة انصار الحكم واحزابهم
المصطنعة والمرتبطة بالقوى الاجنبية ، وافساد الحياة النيابية التي بشروا الشعب
فيها وذلك عبر شراء ضمائر البعض من النواب واستعمال الضغط والارهاب مع البعض الاخر
لمنعهم من الاعتراض على المفاسد التي اقترفوا والتي ازكمت الانوف، وهذه الامكانيات
منحتحم فرصة في تأسيس جيوش من المليشيات وشراء الفضائيات والصحف وقتل ضمائر
العاملين فيها حتى اصبحوا ادوات مسخرة للترويج للسلطة وكل على طريقة ،اعلان مدفوع
الثمن يكلف السلط بناء دار سكنية لمواطن يسكن بيوت الصفيح في الاحياء العشوائية
المنتشرة في المدن العراقية ومنها بغداد والتي اطلق عليها ابناء شعبنا اسماء
كوميدية للسخرية من الحكام الجددد ومنها (حي الشيشان) و(حي التنك) و(حي الحواسم).
وتوالت
الحكومات وازداد المرض والفقر والجهل وتحول المجتمع العراقي الى طبقتين لاثالث لهم
فقراء يبحثون عن لقمة العيش ومتخومين سراق
، فالثروة والوطائف توزعها الاحزاب على مؤيديها واعضاءها مع تعدد الرواتب الخرافية
، وحصرت موافقات الاستيراد والتصدير بفئة محدودة من الذيول ، الامر الذي
جعلهم يستأئرون وحدهم بثروة البلاد، وفتح
باب الرشوة والسرقة (بفتاوي شرعية ) ،
فاصبحت السرقة والخيانة لكبار الموظفين في الادارة والجيوش الجديدة (مسألة فيها نظر)، فهي بعيدة كل البعد عن
المحاسبة، وعالجت الحكومات المتعاقبة وعلى وجه الخصوص الحكومة الحالية ،الازمات
التي يعانيها الشعب بالكذب والمغالطات والمماطلة وتحمل الشعب الكادح اكبر قسم من
الضرائب وخاصة الضرائب الغير مباشرة التي تسببت في غلاء المعيشة والزيادة الفاحشة في اسعار المواد الغذائية
والضرورية للحياة بعد ان قلصت وزارة التجارة في توزيع الحصة التموينية واختصرتها
بمادة او اثنين .
يتذكر
البعض ماحدث بالبلاد عندما اراد المرحوم عبد الكريم قاسم زيادة اسعار البانزين،
ومافعله الشعب جراء قراره ، بالوقت الذي نعيش فيه اليوم بظرف يشير الى زيادة
في اسعار النفط ومشتقاته ورفع الدعم عن
الحاجات الضرورية للشعب وتبخرت الحصة التموينية ومديونية العراق الى صندوق النقد الدولي لسنا بحاجة اليها فهي
لاتساوي قيمة البيوت التي اشترها العملاء في لندن نتيجة سرقة
المال العام ، مع معرفتنا ان الهدف من وراء الاقتراض هو ربط العراق بسياسة البنك
الدولي التي تستعبد الدول وتنتهك سيادتها
الوطنية.
لقد
اغلقت الطرق بوجه نهوض العراق وشعبه فلا ضوء في الافق ولا خارطة طريق ولا امل في الخروج من دائرة هذا الحكم الفاسد.
الطريق
الوحيد الذي اراه هو استمرار الثورة الشعبية الشبابية السلمية ، حيث تتمكن مع
الايام من تعطيل الدستور الذي كتبه نوح الصهيوني وبريمر الامريكي ، فالدستور هو
المفسدة الاولى ، لقد ذهب الشعب الى
الانتخابات في المرة الاولى على امل الحصول على التغير، لكن الحكومات المتعاقبة التي تسيرها المليشيات وبقوة المال والسلاح
، تجاهلت كل شيء وعمدت الى خلق ازمات ،
وازمات الهدف منها تخدير الشعب والهائه
عن مطالبه الاساسية، وتوالت الحكومات على تاليف
الوزارت على نفس الاسس الطائفية والعرقية والمحاصصاتية ، فلم يخرج العراق
من عنق الزجاجة ، او من دائرة
المخططات الامريكي الايراني الصهيوني.
ان اي حكومة
تريد ان تحترم نفسها وتكسب ثقة الشعب وتنجو من نقمته لابد لها من ان تخلص البلاد
من المفاسد التي جاء بها الاحتلال وعملائه ومن ثم التأسيس لحكم دستوري شعبي قائم
على اساس انتخابات حرة ونزيهة، فالشعب العراقي قد مل الوعود والكلام الفارغ
ولايكفيه ان تتوفر النية الحسنة عند البعض من رجال الحكومة اي حكومة حتى وان كانت
الانتخابات حرة ونزيهة، بل لابد من العمل على تطهير الجهاز الحكومي من العناصر
الفاسدة ، المفسدة، وضمان الحريات العامة بعيد عن السجون السرية والاعتقالات
العشوائية، وفي المقدمة منها حرية الرأي و الصحافة، وان لاتتعهد الحكومة الا
بالامور التي تستطيع تنفيذها فعلا.
ان الحكومة التي يحلم بها ابناء العراق هي التي ستحاكم المسؤولين عن اراقة الدم العراقي بعد الاحتلال من اي حزب او طائفة او عرق كانوا، معاقبتهم العقاب الذي يستحقه خونة الشعب والمتآمرين على مصالحه، والتعويض على الشهداء والجرحى والمصابين، فهل تستطيع حكومة الكاظمي الحالية القيام بما تقدم وان تؤمن الانتخابات المقبلة من سطوة الاحزاب والمليشيات المسلحة التابعة للحرس الايراني ، وان تحاسب من يستخدم المال السياسي في تزوير نتائج الانتخابات ؟ الحل الذي اراه ويلوح في الافق هو خروج الشعب الجائع الى الشوارع بقيادة ثوار تشرين وبثورة شعبية سلمية بهدف التغيير الجذري مع احترام وجهة النظر التي تقول (ما اخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة ) .
Reacties
Een reactie posten