الملك حمورابي، والمعروف أيضاً باسم خمورابي وأمورابي، ملك بابل (1792-1750 قبل الميلاد)،
الملك حمورابي، والمعروف أيضاً باسم خمورابي وأمورابي، ملك بابل (1792-1750 قبل الميلاد)، ويُعتقد بحسب علماء الكتاب المُقدّس أنّ حمورابي هو نفسه أمرافيل ملك شنعار الذي ورد ذكره في سفر التكوين .
حمورابي هو الملك السـادس للسلالة الآمـوريّة في بلاد بابل، والملك الأول للإمبراطوريّة البابليّة، وتولّى العـرش من والده سين موباليـط، وقـام بتوسـيع المملكة بـغزو كُـلّ بلاد ما بين النهرين القديمـة، وكانـت مملكة بابل وقتها تقتصر على مدن بابـل وكيـش وسيـبار وبـورسـيبا عـندما وصل حمورابي إلى العـرش، ولـكـن مـن خـلال سلـسلة مـن الحـملات العسـكرية، والتحالفات الدقيقة التي تم إجراؤها وكسرها عند الضرورة، والمناورات السياسيّـة، أصبح يُسيـطر على المنطـقة بأكملـها بحلول عام 1750 قبل الميلاد.
طبقاً لنقوش الملك ورسائله ومستنداته الإداريّة، سعى الملك حمورابي إلى تحسين حياة أولئك الذين عاشوا تحت حكمه، وهو معروف في العصـر الحـديث عن شريعته القانونيّة التي على الرغم من أنّها ليست أول شريـعة قانونيّة محفـوظة، ألا وإنّها أصبحت نموذجاً لثقافات أخرى، ويُعتقد أنّها أثّرت على القوانين التي كان قد وضعها الكـتبة العبرانيّين، بمـا في ذلك تلك التي صدرت عن كتاب سفر الخروج التوراتي.
كان الأموريّين شعباً بدويّاً هاجـروا عـبر بلاد ما بين النهرين من منطقة إيبر ناري الواقعة في سـوريا اليوم، في وقت ما قبل الألفـيّة الثالثـة قبل المـيلاد، وبحـلول عـام 1984 قـبل الميلاد كانوا يحكمون في بابل، وأنجـز الملك الخامس لهذه السلالة سين - موباليـط (1812-1793 قبل الميلاد) العـديد من مشـاريع الأشـغال العـامة، ولكِنّـه لم يتمكّـن مـن توسيع المملكة أو التنافس مع مدينة (لارسا) المنافسة جنوباً.
كانت لارسـا المركز التجاري الأكثـر ربحـاً في منطقة الخليج العربيّ، وأثّـرت هـذه التجـارة على المدينة، وتشجيع التوسّع حتّى أصبحت مُعظم مدن الجـنوب تحت سيطرة لارسا، كما قـاد الملك سين - موبـاليط قـوّة ضـد لارسا، ولكِنّـه هُـزِم من قِبَل ملكـهم ريم - سـين الأول، وفـي هـذه المـرحلة مـن غير المؤكّـد مـا حـدث بالضـبط، ولكـن يبـدو أنّ سـين - موباليـط إضطّر إلى التـنازل عن العـرش لصالـح ابنه حمورابي، ورُبّما اعتقـد ريـم- سـيـن أنّ حمـورابي سيكـون أقلّ تهـديداً عـلى لارسا.
في البداية، لم يعط حمورابي إلى ريم - سين الأول أيّ سبب للقلق، وبدأ حُكمه من خـلال مركزة وتبسيط إدارته الحكيمة، ومواصلة مشاريع بناء والده وتوسيع وزيادة جدران المدينة، وقد وضع شريعته القانونيّة الشهيرة الخاصّة به في حـوالي عام (1772 قبل الميلاد)، وأولـى اهتـماماً دقيقاً باحـتياجات الناس، وتحـسين الريّ في الحـقول، وصيـانة البنـية التحتيّة للمدن الخاضعـة تحت سيـطرته، بينما قـام أيضاً ببناء معابد عظيمة للآلهة، وفي الوقت نفسه كان يضع قوّاته في النظام، ويُخطّط أيضاً لحملته في المنطقة الجنوبيّة من بلاد ما بين النهرين.
كان حـمورابي حاكماً قـديراً، ودبلـوماسيّاً بارزاً، وصبـوراً في تحقيق أهدافه، وعنـد توليته للعرش، أصدر مرسـوماً لغفران ديون الناس، وخلال السنوات الخمس الأولى من حُكمه عزّز شعبيته بشكل أكبر من خلال ترميـم ملاذات الآلهة، وخاصّةً الإله مردوخ راعي بابل، ثم بعـد تأكّد حمـورابي من سُـلطته اصبحت في الداخل آمـنة، واستـعدّت قـوّاته العسكريّة، بدأ سلسلة من الحملات التي دامت خمـس سـنوات ضـد الدول المُتنافسة في الجنوب والشرق، وتوسيع أراضيه.
عنـدمـا غـزا العيلاميّـون السـهول الوسـطى مـن بـلاد ما بـين النهرين من الشرق، تحالف حمورابي مع لارسا لهزيمتهم، بعد ذلك كسر التحالف، وسرعان ما استولى على مدينتيّ أوروك، وإيسين الـلتين كانـت تسيطر عليهـما لارسا سابقاً، من خلال تشكيل تحالفات مع مدن أخرى مثل نيبور، ولاجاش ..
إنّ التحالفات التي قام بها مع مدن أخرى سوف تنكسر بشكل مُتكرّر عندما يجد المـلك أنّه من الضـروري القيام بذلك، ولكن مع استمرار الحُكّـام في الدخول في اتفاقيّـات مع حمورابي، يبدو أنه لم يخطر على أيّ منهم أنه سيفعل ذلك تجاههم، كما فعل سابقاً مع الآخرين.
بمجرد غزو مدينتيّ أوروك، وإيسين، استدار الملك حمورابي واستولى على نيبور ولاجاش، ثُمّ غزا مدينة لارسا، ويبدو أنّ الأسلوب الذي استخدمه أولاً في هذا الإشتباك سوف يصبح أسلوبه المُفضّل لدى آخرين عندما تسمح الظروف بذلك، فقام حمورابي بسدّ مصادر المياه المدن التي يُحاصرها لمنعها عن العدو حتّى الاستسلام أو حجب المياه من خلال سد ومن ثم إطلاق سراح السد لإغراق المدينـة قبل شنّ الهجوم، وكانت هذه طريقة استخدمها والد حمـورابي سـابقاً، ولكن بفاعلية أقلّ بكثير، وكانت مدينة لارسا آخر معقل لريم - سين، ومع سقوطها لم تكن هناك أي قوة أخرى للوقوف ضد ملك بابل في الجنوب.
مع السيطرة على الجزء الجنـوبي من بلاد ما بيـن النهرين، تحوّل حـمورابي إلى الشمال والغرب، لطـالما كانـت مملكة مـاري الآموريّـة في سـوريا حليفاً لبـابل الآموريّة، واستمرّ حمورابي في العلاقات الوديّة مع الملك زمري-ليم (1762 - 1766 قبل الميلاد)، وقـاد زمـري - ليم ملـك ماري حملات عسكـرية ناجـحة عبر شمـال بلاد ما بيـن النهرين، وبسبب الثروة الناتـجة عن هذه الانتصـارات، فقد أصـبحت مـاري موضع حسد ملوك آخـرين، حـمورابي علـى رأسهم، والذي نـقض تحالفه مع زمري ليـم بدون أسـباب واضحـة، ولكن حمورابي بدلاً من أن يقوم بغزو المدينة والاستيلاء عليها، والتحكّم بها، قام بتدميرها في عام 1761 قبل الميلاد.
كانت فعلة حمورابي هـذه لغزاً كبـيراً لطالما ناقشه العلماء، حيث أنّه دُمّـرت مـدن أخـرى على يد حـمورابي، ثُـمّ قـام بإصلاحها وتحـسينها من جـديد، الا مـاري، كانت اسـتثناءاً لحُكم حمـورابي، لم يـوليها اهـتمام بعد أن قـام بتدميـرها، وبرغم من أن هذا لُغـز وحيـرة بالنسبة للعلـماء والبـاحثين، فاستنتج بعضـهم أن حـمورابي أراد أن تكـون بابـل أعـظم مُـدن بلاد ما بين النهرين، وكانت ماري منافسة كبيرة لهذا، بالرغم من أنّه استـنتاج ضـعيف بالنسـبة للباحـثين، الا انّه يـؤخذ في الحسبان.
يُعتقد أنّ زمري - ليم قُتِل في هذا الاشتباك لأنه يختفي من السجلّ التاريخي في تلك السـنه، ومـن مـاري سار حمورابي على آشور، واستولى عليها، وأخيراً مملكة أشنونة، والتي تمّ غزوهـا أيضـاً عن طـرـق سـدّ المـياه، حتّـى أنه بحلـول عـام (1755 قبل الميلاد)، حكم حمورابي كل بلاد ما بين النهرين حتى وفـاته، إلّا أنّ إمـبراطوريـته تقلّصُت سريـعاّ، حيث أنّ خلفاؤه لم يتمكّنوا من الحفاظ على إمبراطوريّته.
Reacties
Een reactie posten