الآثار السلبية للعنتريات وقصص ألف ليلة وليلة وقراءات مقتل الحسين ومنهجيات السلفية الجهادية في عقول ونفوس الناس في العراق وغيره من بلدان العرب والمسلمين بقلم : الدكتور نزار محمود


الآثار السلبية للعنتريات وقصص ألف ليلة وليلة وقراءات مقتل الحسين ومنهجيات السلفية الجهادية في عقول ونفوس الناس في العراق وغيره من بلدان العرب والمسلمين
        

   بقلم : الدكتور نزار محمود

في البدء أود التنويه الى:
  إن موضوعاً كهذا لا يمكن أن تكفيه كلمات مقال حتى لو بلغت من البلاغة والبيان والتبيين شأناً عالياً!
  عندما تناولت الآثار السلبية لم أرد بها نفياً لايجابيات كثيرة حملتها العنتريات في أدبياتها وقيم الفروسية والشجاعة، وقصص ألف ليلة وليلة في أدبها وخيالها وهييام حكاياتها وعبرها، وقراءات مقتل الحسين في عبرها وقدسياتها، وهكذا السلفية في نسكها ونقائها.
  سأعمل على أن أتبع هذا المقال بمقال آخر يتناول الجوانب والآثار الايجابية لتلك الأعمال الخالدة المؤثرة.

العنتريات؛
قصدت بها حكايات وبطولات عنترة بن شداد العبسي، بكل ما تعنيه من شجاعة وإقدام وخوض للأهوال في سبيل تحقيق أحلامه والظفر بإبنة عمه عبلة.
كما قصدت بها الأعمال الأدبية لأبي فراس الحمداني وسيف بن ذي يزن في بطولاتهم وأشعارهم في الفخر والحماسة والشجاعة.
إن هذه الأعمال الخالدة التي تناقلت روايتها الأجيال المتعاقبة والتي شغف بها ملايين المستمعين لها، كانت قد رويت، غالباً، بأساليب إثارة عاطفية وبصورة مبالغة غير واقعية، ما حولها الى أعمال خيالية مشوقة، تركت آثارها وطبعت بصماتها في عقولنا ونفوسنا وانعكست في أساليب تفكيرنا وتحديد سلوكنا ومواقفنا وزرع قيم لبطولة وشجاعة منفلتة، في أحيان كثيرة، من لجام العقل والمنطق والحكمة.

حكايات ألف ليلة وليلة:
إنه عمل أدبي جبار في خياله وبنائه وعبره وأثره التشويقي، لكنه في ذات الوقت محاكياً للخيال المليء بالغرائز والعواطف الجياشة للمستمعين إلى تلك الحكايات في ساعات الليل الهادئة ودفىء الفراش، وربما نشوة الخمرة.
إنها حكايات عبر وحكمة يلفها عبق الرغبة والنشوة!.
لقد ملأت حكايات ألف ليلة وليلة، وربما هم أرادوها كذلك، رؤوس الآخرين ورسمت لهم صورة الشرق وفي مقدمته العرب في تعبيرات تلك الحكايات من حياة وأحلام سلاطين وخلفاء وأمراء وملوك ولياليهم الماجنة. فلا يكاد معرض عن الشرق والعرب يخلو من لوحة أو لوحات لحكايات ألف ليلة وليلة وبالطبع لا تخلو تلك اللوحة أو اللوحات من حسناء وحسناوات وغلمان وسلطان وخمرة وموسيقى...
لقد وجدت تلك الأجواء حاجتها في نفوسنا وعقولنا الباطنة نحن العرب أولاً، ملوكاً وأثرياء وحتى العوام، رغبة وحلماً وتمتعاً!

قراءات مقتل الحسين:
القفز على الواقع مسألة خطيرة أحياناً وقاتلة أحياناً أخرى، عندما يكون ذلك الواقع قد قام على أسس عقائدية وروحية وأصلبت بنيانه مئات السنين وتهيأت له شروط ديمومته ومصالح أطرافه.
وقضية الشيعة في الإسلام والاثني عشرية منها بالخصوص، لم ولن تكون مسألة عابرة في تأثيراتها القيمية والسلوكية ثقافة وسياسة واجتماعاً، لا سيما عندما ترتبط بالسلطة والثروة.
وأود في هذا المقال التركيز على جانب بعض الممارسات التي غدت طقوساً وشعائر تقام بالمناسبات الكثيرة للأئمة وما مرت بهم من أحداث، كما وصلتنا عن رواة ومحدثين وكتابات. وبالطبع فإن قراءة مقتل الحسين (ع) هي أبرز تلك الطقوس والشعائر وما يرافق مناسبتها.
إن قراءة المقتل بمحتواها المأساوي وهدفها وابداعات طرائقها وفنون أشخاصها تترك آثارها البليغة في نفوس وعقول المريدين والتابعين للمرجعيات الشيعية وتنعكس سلبياً في جانبين نفسيين وسلوكيين، هما:
  زرع نوع من تأنيب الضمير الدائم وتبرير الحاجة الى ماسوخية متمثلة بلطم الصدور وشق الجيوب، كما يقال، وضرب الأجساد بالسلاسل والسكاكين وقطع المسافات الطويلة مشياً على الأقدام والنوح على الحسبن وغيرها.
  اذكاء روح الثأر من "قتلة" الحسين ومن يمثلهم، حسب إعتقادهم، من نواصب العصر، وبالتالي ممارسة سادية ضدهم.

السلفية الجهادية:
إن عبارة: السلف الصالح، تترك في النفس أثراً طيباً عند سماعها. فالسلف الصالح هم أصحاب رسول الله (ص) والتابعين من الأخيار. وهم بقربهم زمانياً ومكانياً من صاحب الرسالة قد تمثل بهم الايمان والعمل الصالح والسلوك القويم. لكن الزمن يتغير وكذلك فقهه وأهله! وحتى الرسول الكريم كان قد أعطى لنا أمثلة كثيرة على أخذ حيثيات الحوادث وخصوصيات الناس بنظر الاعتبار. ولعل ما أقره عمر (رض) من مواقف بحكم الضرورة ما يؤيد ذلك.
من هنا فإن منهج السلفية المتشدد وجهاديتها لا يمكن أن يكتب لها النجاح وأن تكون أساساً لإسلام عصور لاحقة تغير فيها الزمان وتباعد فيها المكان. فاكراه السلفية الجهادية ضرب من سفه وقسوة وخيال.

ختاماً الخص ما أردته في مقالي:
لما كانت عقول الناس وسلوكياتهم ومواقفهم وأناهم العليا والسفلى تبنى على ما يطمر في عقولهم الباطنة ويتمخض تأثراً عن عقولهم الظاهرة، وتتشكل قيمهم بما يتربو عليه وبما يتأثروا به من  محيطهم، وتصاغ سلوكياتهم في القوالب  والأنماط الاجتماعية البيئية، يصبح أمر بحث وتدبر  ما ذهبت اليه من تأثيرات العنتريات وحكايات ألف ليلة وليلة وقراءات مقتل الحسين وأفكار وممارسات السلفية الجهادية هاماً لا بل وكبير الاهمية، اذا ما أردنا لشعوبنا وعياً متحضراً وسلاماً هانئاً وخلقاً انسانياً رفيعاً.
بغداد، ١٥/٨/٢٠١٩

Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

العرب الاقحاح وهستيريا نجاح الفارسي بقلم الدكتور فالح حسن شمخي