الاشتراكية لم ولا يجب أن تموت بقلم: د. نزار محمود
الاشتراكية
لم ولا يجب أن تموت
بقلم: د. نزار محمود
لطالما عاشت
الإنسانية الصراع بين الخير والشر، بين العدل والظلم، بين الحق والباطل ودفعت
أحياناً كثيرة أثماناً باهضة طرزتها حمرة الدم وفرحة انتصار الخير والعدل والحق.
نحن البشر
كائنات حية تعيش على الكرة الأرضية تتقاسم طبيعتها وثرواتها وتتشارك في تهذيبها
وإعمارها والحفاظ عليها.
كان يفترض أن
يعيش البشر بأمان وسلام حفاظاً على حياة ومصالح الجميع طالما أن الأرض بما رحبت
تتسع في حضنها وعطائها كل البشر الزائل لا محالة من على سطحها الى جوفها في دورة
حياته الطبيعية.
لكن حال البشر
لا يسير بهذه البساطة والعفوية والتعايش السلمي لأسباب تتعلق بالبشر ذاته.
فالانانية وقصور النظر وسوء التقدير وغياب الحكمة ونزعات الغلبة غير المشروعة
وغيرها من النزعات الحيوانية تدفعه الى الاستئثار بنصيب أكبر على حساب حرمان
الآخرين أو استغلالهم لتحقيق مكاسب جمة هو أشبه بمال السحت في الادبيات الدينية.
قبل أعوام، وفي
حديث ونقاش حول مفهوم الاشتراكية، كان لي رأي بأن مفهوم الاشتراكية لا يجب أن
يقتصر على جانبه الاقتصادي في أمر خلق الثروة المادية أو توزيعها، وإنما يمتد الى
معناها في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية.
فالديمقراطية
والمساواة السياسية بين المواطنين هي ضرب من الاشتراكية في جانبها السياسي
والحقوقي. وكذلك الاشتراكية في مجالها الاجتماعي، فلا ينبغي أن تتميز طبقة أو
شريحة أو فئة إحتماعية أو قبيلة أو عشيرة على غيرها، وهو ذات الحال في الحياة
الثقافية في قيمها الروحية ومستوياتها المعرفية وعاداتها وتقاليدها.
إن صيحات
"صراع الحضارات" و"نهاية التاريخ" لصالح الموديل الرأسمالي
الأناني واللا إنساني، لا بل والتسلطي والاستغلالي والاستعبادي لا ينبغي أن يكتب
له النجاح الدائم طالما كان هناك من مثقفين ثوريين مستعدين لفضح ومقاومة تلك
الهيمنة وذلك التسلط.
من هنا فإن
الاشتراكية بمفهومها الإنساني وقيمها الاخلاقية وما تحمله من روح عدالة لم ولا يجب
أن تموت، كما قد يتوهم أو يحاول البعض.
وحين نرجع الى
عظماء التاريخ نجدهم اشتراكيون في ما عملوا وضحوا من أجله. وهكذا استحقوا المجد
والخلود.
برلين،
٢٤/٩/٢٠١٩
Reacties
Een reactie posten