ايران واسرائيل وجهان لعملة واحدة ..بقلم / د. فالح حسن شمخي
ايران واسرائيل وجهان لعملة واحدة
د.
فالح حسن شمخي
بعد تمكن الغرب الاستعماري واليمن المتصهين في
امريكا من اجتياح العراق 2003م ، بمساعدة ايران وذيولها، وخروج الاتحاد السوفيتي
من المعادلة الدولية نتيجة تفكيكه، وبعد ان تخلصت الدولة العالمية الخفية من
العراق، حامي البوابة الشرقية للامة العربية والذي تميز بالموقع الجيوسياسي والثروة النفطية والزراعية
والصناعية والبشرية والذي تمكن من التحرر التكنولوجي من الغرب الاستعماري،
باعتماده على جيش من العلماء العراقيين بمختلف الاختصاصات، والذي امتلك القوة
العسكرية التي كسبت خبرات استثنائية نتيجة حرب الثمان سنوات مع ايران، والتي باتت
تهدد الوجود الصهيوني في فلسطين، والتي جرعت الخميني صنيعة المخابرات الغربية
والصهيونية السم .
بدأت
امريكا بالعمل على تنفيذ الصفحة الثانية من مشروعها الذي اطلقت عليه تسمية (الشرق الاوسط الجديد)، حيث اسندت مهمة تدمير
المنطقة العربية عبر الطائفية وتصدير الثورة لها الى ايران، بعد ان قدمت لها
العراق على طبق من ذهب كما يقولون ، فعملت ايران على تنفيذ المهمة بسيطرتها على
العراق وسوريا ولبنان واليمن وتدخلها في الشأن الداخلي في الجزائر والمغرب العربي
ومصر ، الامر الذي جعل منطقة الخليج العربي تحت مطرقة المليشيات والذيول وذلك
باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ وتهديد الملاحة في الخليج العربي وبحر العرب
. هنا بدأت اقطار الخليج العربي في البحث عن
حليف، فاقترح الحليف الامريكي مشروع صفقة القرن، الذي روج له كوشنير ، كما
كان قد سبقه ديفيد ليفي بقيادة ما يسمى بالربيع العربي .
هنا
جاء الدور الجاهز و المرسوم للكيان الصهيوني الذي كانت مهمته فتح الابواب على مصراعيها لاستقبال الباحثين عن حليف في
المنطقة ، عبر ما يسمى السلام والتطبيع. لقد وضعت امريكا العرب بين خيارين كلاهما
مر ، لقد وقع العرب بين فكي كماشة ، من الشرق ايران ومن الغرب اسرائيل ومن الجنوب
اثيوبيا، ان ما نكتبه هنا لايندرج تحت
عنوان نظرية المؤامرة ، انها عملية استقراء لما حدث وسيحدث ، حقيقة يتحدث عنها كل
منصف يتعامل مع الامر من خارج الصورة.
لا نريد العودة
الى التاريخ القديم لاثبات ما نريد اثباته ، لان البعض من الناس يشكك في
الروايات التاريخية ، فالحديث عن فتح ابواب بابل لكورش و اغتصاب فلسطين واغتصاب
الاحواز بمساعدة المستعمر البريطاني الذي
اصدر وعد بلفور وسلم الشيخ خزعل الكعبي الى ايران من على ظهر البارجة البريطانية
ليتم اعدامه قد لا يخدم موضوعنا الان .
ولا
نريد ان نتناول الاصوات النشاز التي تمجد
المجرم قاسم سليماني والتي تدعي ان العراق انتصر على داعش كان نتيجة لموقف ايران
الداعم بالسلاح ، وان فلسطين ستنتصر على الكيان الصهيوني في هذه المعركة اعتمادا
على السلاح الايراني ايضا ، والسبب في عدم تناولنا لهذا الموضوع هو تصريحات البعض
من العملاء في العراق الذين فندوا ذلك من خلال قولهم بان العراق اشترى السلاح من
ايران ودفع الثمن اضعاف قيمته الحقيقية ، ونحن هنا نكتفي بهذه التصريحات ونكتفي
ايضا بتصريحات البعض من قادة حماس ومنهم السيد موسى ابو مرزوق الذي قال في لقاءه
مع القناة الروسية الناطقة بالعربية ، (بان تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة يتم
في الداخل ولاعلاقة لنا مع ايران ، علاقتنا معها كما هي علاقتنا مع كل الدول
الاسلامية الاخرى) ، ونكتفي ايضا بتناقض التصريحات بين السيد خالد مشعل والسيد
اسماعيل هنية الموجود حاليا في قطر (نضع علامة استفهام على تصريحاته من قطر ) ، و
نؤكد هنا ان الايام القادمة ستثبت بان
ايران قد باعت اسلحة الى فصائل المقاومة
الفلسطينة واستلمت الثمن عبر طرف ثالث ، مع ان هناك حقيقة تقولا، ان شراء السلاح من اي جهة كانت ، روسية ،
امريكية ، تركية ، كورية ،
ايرانية ، لايعني شيء ، فالسلاح يحقق النصر باليد التي تستخدمه وبالارادة
والشجاعة التي يمتلكها المستخدم وبأن السلاح يصبح ملك الذي اشتراه وليس ملك الدولة المصنعة التي انتجته وباعته
واستلمت الثمن .
نبدأ
في اثبات عنوان مقالنا الذي نقول فيه ، ان
ايران الفارسية واسرائيل الصهيونية النازية وجهين لعملة واحدة من خلال وقائع حدثت في التاريخ القريب ومنها العملية
التي سميت ( أوبرا )، (بابل )، فهذه
العملية شاهد حي على مانقول وقد عاصرتها الاجيال العربية التي تعيش الان ، العملية
كما هو معروف كانت عبارة عن غارة جوية
إسرائيلية مفاجئة نُفذت في 7 تموز 1981م ، اي خلال فترة الاعتداء الايراني على
العراق في الحرب التي دامت 8 سنوات ، أسفرت العملية عن تدمير المفاعل النووي
العراقي الذي كان قيد الإنشاء .
لقد تم تنُفيذ هذه العملية بعد ان فشلت عملية
السيف المحروق الإيرانية، التي تسببت
بأضرار طفيفة في نفس المنشأة النووية، والتي تم اصلاحها على يد فنيين فرنسيين .
السؤال
، لماذا لاتستهدف اسرائيل مفاعل نطنز او بوشهر على الرغم من معرفتهم بان ايران رفعت
من نسبة تخصيص اليورانيوم من خلال امتلاكها اجهزة طرد مركزي متطورة ،كما فعلت مع
مفاعل تموز المخصص لاغراض سلمية؟
الواقعة
الثانية التي نثبت من خلالها عنوان مقالنا هي العملية التي عرفت باسم (إيران غيت او إيران كونترا)، الصفقة السرية
التي نقلت فيها امريكا الاسلحة بوساطة اسرائيلية ، ايام إدارة الرئيس رونالد ريغان
، على الرغم من قرار حظر بيع الأسلحة إلى طهران وتصنيف الإدارة الأميركية لايران
على انها عدوة لأميركا وراعية للارهاب.
لقد
تمت الصفقة بموجب اتفاق سري بين أميركا وإيران ، التي كانت تخوض آنذاك حربا
على العراق ، الصفقة تنص على تزويد طهران
بأسلحة متطورة، تشمل قطع غيار طائرات "فانتوم" وحوالي ثلاثة آلاف صاروخ
من طراز "تاو" TOW مضاد للدروع وصواريخ "هوك" أرض جو
HAWK
مضادة للطائرات مقابل إطلاق سراح مواطنين أميركيين كانوا محتجزين في لبنان.
لقد تم
الاتفاق حينئذ بين جورج بوش الأب، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس ريغان، والرئيس
الإيراني أبو الحسن بني صدر في العاصمة الفرنسية باريس، بحضور آري بن ميناشيا
مندوب المخابرات الإسرائيلية الخارجية الموساد.
بالاضافة
الى ماتقدم فأن هناك عقد وقع بين الاسرائيلي يعقوب نمرودي و الكولونيل ك.دنغام و
قد وقع هذا العقد في يوليو 1981م. و يتضمن بيع اسلحة اسرائيلية بقيمة 135,848,000
دولار. و يحمل العقد توقيع كل من شركة (( اي.دي.اي)) التي تقع في شارع كفرول في تل
ابيب و وزارة الدفاع الوطني الاسلامي يمثلها نائب وزير الدفاع الأيراني.
وان
هناك رسالة سرية جدا نشرت موجهة من يعقوب نمرودي الى نائب وزير الدفاع الايراني .
وفي الرسالة يشرح نمرودي ان السفن التي تحمل صناديق ألاسلحة من امستردام يجب ان
تكون جاهزة عند وصول السفن الأسرائيلية الى ميناء امستردام .
وهناك
وثيقة معروفة ومنشورة ، في هذه الوثيقة يطلب
فيها نائب وزير الدفاع الايراني العقيد ايماني من مجلس الدفاع تأجيل الهجوم الى
حين وصول الأسلحة الاسرائيلية وفي نفس الوثيقةً ، يشرح العقيد ايماني في البداية
المشاكل الأقتصادية والسياسية وطرق حلها , ثم يشرح بأن السلاح سيجري نقلة من
اسرائيل الى نوتردام ثم الى بندر عباس حيث سيصل في بداية ابريل 1982م .
وبالاضافة
الى ان هناك صورة سربت ، لتأشيرة الدخول
الأسرائيلية التي وضعت على جواز سفر صادق طبطبائي قريب الخميني , الذي قام بزيارة لأسرائيل للأجتماع
مع كبار المسؤلين الأسرائيلين ونقل رسائل لهم من القادة الأيرانين .
الواقعتين
والوثائق اعلاه تؤكدان على العلاقة الوثيقة بين ايران في ظل نظام خميني وقد استمرت
في ظل ولاية الفقيه خمنئي والحكومة الاسرائيلية وباشراف امريكي ، فهل يكون من
المعقول والمنطقي ان نقول اليوم بأن العلاقة بينهما قد تصدعت و ان ايران اليوم ،
تدعم ابناء فلسطين في مقاومة المحتل الصهيوني ، وتدعم الحق العربي في استعادة
فلسطين لوجه الله ؟
وهنا اجد ان من الضروري التذكير
بالدعم العراقي المادي والمعنوي الفعلي للمقاومة
الفلسطينية وبالذات في تعامل العراق
المباشر مع ملف شهداء فلسطين وعوائلهم ، ونذكر ايضا بما قاله وفد العراق في
مؤتمر القمة العربية في بغداد ( بالرغم من الظروف الاقتصادية التي نمر بها نتيجة
الحرب التي فرضتها ايران علينا فاننا سندعم فلسطين ، حتى وان بقى لدينا قدر طبخ
واحد ، سنتبرع به الى فلسطين )، وعلينا ان نذكر بالصواريخ العراقية التي سقطت على
اسرائيل ، فهل تجرأ ايران وذيولها بالمنطقة بالقيام بفعل مشابه ؟ لا اعتقد ذلك
لانهم ينتظرون الوقت المناسب الذي لم ولن ياتي ، لان الوقت المناسب هو من خلق
الانسان وليس من خلق قوة غيبية يستلم اوامرها الولي الفقيه فقط.
ان
الحرب الاعلامية والجعجة الفارغة بين امريكا واسرائيل وايران هي غطاء لعمل قادم
يستهدف المنطقة العربية والعرب على وجه
الخصوص ، ولقد ادرك الشباب العربي في العراق وفلسطين هذا العمل التامري على الامة ، الامر الذي ادى بهم الى الذهاب
مباشرة بعد اغتيال الشهيد ايهاب الزيني الى القنصلية الايرانية في كربلاء لحرقها
بالتزامن مع هتافات الشباب الفلسطيني باسم العراق وشعبه في انتفاضتهم وفي
باحات المسجد الاقصى على وجه الخصوص .
بعيد عن نظرية المؤامرة ، والاتفاق السري الذي اعطى ايران الحق بامتلاك القنبلة النووية ، وبعيدا عن مشروع الشرق الاوسط الجديد وصفقة القرن ، وبالرغم من كل المؤشرات التي تشير الى ان امريكا تسعى لتقسيم النفوذ في المنطقة بين ايران واسرائيل ، نقول ان العرب بخير وان الشباب العربي طليعة الامة بخير ودليلنا على ذلك استمرار ثورة تشرين في العراق بالرغم من كل التضحيات وانتشار الانتفاضة الفلسطينية المباركة على امتداد الارض الفلسطينية والشتات ودعم الشعب العربي لهذه الانتفاضة بشكل غير مسبوق وكذلك موقف شرفاء العالم ، مفكرين وفلاسفة وفنانين واكاديمين ، ستستمر انتفاضة شعبنا العربي الفلسطيني على الرغم من التضحيات وهناك مؤشرات تؤكد على ان التحرير لابد ان يأتي مهما طال الطريق وكبرت التضحيات. ان الانتفاضة الفلسطينية والعراقية ستقلب المعادلة وستكشف بان ايران الفارسية واسرائيل الصهيونية النازية وجهين لعملة واحدة.
Reacties
Een reactie posten