المتنبي وبابل والاسلانيون / بقلم ..الدكتور فالح حسن شمخي
المتنبي وبابل والاسلاميون
د - فالح حسن شمخي
ماهي الرمزية في مهرجان بابل ؟
وماهي رمزية شارع المتنبي ؟
يضاف الى ماتقدم سؤال عن هذا الضجيج الذي اثاره الولائيون التابعين لايران حول كتاب تناول العلاقة بين الكيان الصهيوني وايران الخميني وخمنئي والصادر عن دار نشر مصرية ، السؤال هل كان الكتاب المعروض هو السبب الحقيقي الذي يقف وراء ضجيج الاسلامويون (المواعش) ؟
يحكى ان بث الإذاعة العراقية كان في لأول من تموز من عام 1936 ، وكانت الانطلاقة بصوت المذيع عبد الستار فوزي ليعلن لأول مرة عبارة (هنا بغداد)، إذ كان البث الإذاعي حينها 3 أيام في الأسبوع (السبت والإثنين والخميس) ويبدأ بتلاوة من القرآن الكريم ثم نشرة الأخبار ثم عزف على الكمان ثم محاضرة عن الأمراض الشائعة حينها، فأغنيتين إحداهما لـ"أم كلثوم" والأخرى تركية تليها أغنية لمطربة العراق "سليمة مراد".
مع ظهور المذياع بدأت بوادر الحداثة تاخذ طريقها الى الحياة العراقية فانتشرت المقاهي بطريقة لافتة في مدن العراق . وبدأت تلعب دورا ثقافيا تنويريا رائدا خاصة في بعض المقاهي الكبيرة في بغداد التي قامت بنصب محطات اذاعية (سلكية) لتبث الى روادها الاغاني والمقامات العراقية .. وكان صاحب المقهى ينصب جهاز راديو كبيراً في ركن المقهى ويوصله باسلاك الى الحاكي ( الغرامفون )الذي تذاع منه الاغاني و تراتيل القرآن الكريم المُسجلة في اسطوانات كبيرة .
نصب (الغرامفون)، في مقهى من مقاهي محافظة كربلاء ، هنا انتفض الاسلامويون اعداء الحداثة ودفعوا بالشباب للخروج في تظاهرة كبيرة ، كان في مقدمتها رجل كريم العين ، يضع على رأسه ( الغرامفون)، ويهتف ضد الشيطان الكامن في هذا الوافد الجديد ، واهل كربلاء يعرفوننا هذا الرجل لاذمة ولاضمير وليس في قاموسه محرمات ، الغريب ان الجماهير تسير خلفه وتردد الشعارات التي يطلقها ويجيبون حواري كربلاء بفتوى من رجال دين متخلفين .
تضمن مهرجان بابل للعام ٢٠٢١ ، مشاركة من فنانين عرب وعراقيين وفرق شعبية عربية وأجنبية، إلى جانب فعاليات عرض الأزياء البابلية والعزف والرسم الحر وفعاليات الطيران الشراعي والمناطيد والدبكات العربية والكردية فضلا عن فعاليات ثقافية وأدبية وفنية أخرى".
كان مهرجان بابل والمهرجانات الفنية ومنها المسرحية خطوة على طريق تعافي العراق الذي جاء نتيجة صحوت الشباب الذين عبروا عن الطاقة الكامنة في النفس العراقية والتي يتصف بها الشعب العراقي الذي امتدت حضارته الاف السنين ، والتعبير الذي جاء عبر تظاهراتهم التشرينية التي نادت بالوطن ، ومن خلال المشاركة الواسعة في المهرجانات ، هنا بدأ الخوف يدب في نفوس من لبس رداء الدين وحاول العودة بالعراق الى القرون الوسطى بدعم امريكي وايراني وصهيوني .
عزفت فرق موسيقية الألحان العراقية التقليدية على ضفاف دجلة الخالد ، بالعود والدف والغيتار والبيانو، و ارتفعت الألعاب النارية في السماء وشارك الشباب العراقي ونخبة من المثقفين شعراء وادباء وفنانين في افتتاح شارع المتنبي بحلته الجديدة ، وهنا علينا ان نذكر مالذي يعنيه الشاعر المتنبي ومالذي يحمله شارع المتنبي من دلالات ، مقهى الشاهبندر وكبة السراي … الخ .
أطلق على الشارع التاريخي في العام 1932 خلال عهد الملك فيصل الأول، اسم الشاعر الشهير أبو الطيب المتنبي (915 - 965) الذي ولد في عهد الدولة العباسية.
لم يقف الاسلامويون مكتوفي الايدي خاصة (المواعش)، امام بوادر التعافي ورفع الشباب شعارات معادية لامريكا وايران والتغني بالوطن والمواطنة .
تعالى نباح التخلف من المنابر وخرج المحتجون رافعين لافتات تعبر عن رفضهم لحفلات الغناء التي تقام في بابل ومهرجان الكتاب وفي مدينة الألعاب (سندباد لاند)، كما خرج كريم العين في كربلاء بتظاهرة ضد المذياع .
حملت اللافتات عبارات تحذر من تكرار اقامة الحفلات الغنائية، وبطريقة بشعة ترتقي الى الارهاب المسلح ، ووصفت هذه الفعاليات ومن يقف خلفها بـ"انصار الشيطان"، لا ادري هل هو الشيطان الاكبر ام الاصغر .
ننتظر خروجهم للتنديد بتطوير شارع المتنبي ، هل للشيطان علاقة بالفعاليات العراقية الاخير ؟ لا اعتقد ذلك ، كل ماحدث من زعيق وضجيج ، الهدف منه ايقاف حركة الشباب الهادفة الى تحقيق مستقبل افضل واستعادة الوطن ، هذا اولا ، اما ثانيا فهي خوف الاسلامويون من عودة الوعي وبذلك يفقدون امتيازاتهم التي حققوها عبر التجهيل والافساد وسرقة المال العام ، وثالثا الهلع الذي اصابهم من عودة العراق الى عمقه العربي وعودة ابناء العراق لتاريخهم المجيد ، الاجابة على تساؤلاتنا معروفة لكل عراق حر وابي .
هل سيحقق الاسلاميون اهدافهم في العراق اما المد الجماهيري المتزايد والرافض لقوى التخلف ؟ الجواب لا اعتقد ذلك ، والايام حبلى ، وحركة التاريخ تتجه الى الامام ، والتخلف والجهل مصيره مزبلة التاريخ.
Reacties
Een reactie posten