الرائد المسرحي روميو يوسف في القلب والذاكرة بقلم / الاستاذ الاكاديمي الفنان كافي لازم
الرائد المسرحي روميو يوسف
في القلب والذاكرة
بقلم / الاستاذ الاكاديمي الفنان كافي لازم
عندما انتمينا ونحن طلبة في أكاديمية الفنون بداية السبعينات إلى فرقة المسرح الفني الحديث تبين لنا الحقيقة بكل وضوح أن هذه الفرقة فعلا بنيت على يد اعضائها بجهدهم الذاتي من خلال التفاني والإخلاص والذي جمعهم الفكر والفن مع زوال الفردية والايمان بالعمل الجماعي وهو سر ابداعهم وتألقهم.
تراهم كخلية نحل والكل يعمل حسب واجبه وكأنه مؤسسة كبرى أو معهد فني كبير.
الإداريون في عملهم والفنيون كذلك وهناك من يتدربون على الصوت والالقاء والمبارزة بالسيف لاسيما أنها كانت مسرحية (هاملت عربيا) والتي تتطلب الكثير من التمارين.
هناك فنان قدير له خصوصيته من حيث الالتزام ونكران الذات والعمل الدؤوب خريج الدورة الأولى لأكاديمية الفنون ١٩٦٤ الا وهو الفنان القدير روميو يوسف المستعد دائما (stand by) لإنجاز اي مهمة يكلف بها إن كان ممثلا أو مخرجا أو مديرا للمسرح أو الأمور الفنية الأخرى (الإنارة ، الصوت ،الموسيقى،الانتاج) فضلا عن شخصيته الاريحية المؤثرة الجذابة ونحن كشباب جدد التحقنا بالفرقة دائما يؤكد لنا اسلوب عمل الفرقة وينصحنا بالانضباط والالتزام واحترام الرواد ومحاولة التعلم من تجربتهم الكبيرة .
لم أره يوماً ببدلة رسمية إذ كان دائما يرتدي حذاءا رياضيا كأنه ذاهب للحرب.
جاءنا يوماً وقال (ياشباب سنفتح ورشة خاصة للتدريب على استعمال السيف قبل موعد البروفة) انتظمنا جميعا بهذه الدورة التي قادها بنجاح .
كان يقوم بدور (لايرتس) الذي يتطلب المبارزة في عدة مشاهد .
في يوم ما احتاج المخرج سامي عبد الحميد عازفا (نقارا على الطبل) في إحدى المشاهد وكان محتارا ومحرجا انبرى روميو يوسف وقال(انا احسن نقار )وادهشنا بنقره المضبوط على الطبل ولكنه تلفلف باليشماغ ولم يبرز سوى عينيه لانه يمثل دورا اخر مهما في المسرحية وادى المهمة بنجاح.
●لست ادري كيف اصبحتُ فنانا●
ولد الفنان الكبير روميو يوسف في 28/8/1942 وسجل في الكنيسة في هذا التاريخ ولكنة سجل في دفتر النفوس 1/7 ككل العراقيين تلك الفتره وعندما اصبح يافعا كان يقلد ابطال افلام هوليود في طرزان وفلاش كوردن والكابوي مع اقرانه في الشارع ولم يخطر بباله انه سيصبح يوما ما فنانا يشار اليه بالبنان وربما بشكل لا ارادي حيث ان والده يعزف على آلة (الماندولين) والوالدة عضوة في كورس الكنيسة..واثناء دراستة في ثانوية التجارة عام ١٩٥٧ قرأ إعلان صادر من الادارة ان من لديه رغبة في التمثيل فليسجل اسمه وكان من يشرف على فرقته طلبة معهد الفنون آنذاك وهم عمونائيل رسام وفوزي الصفار وضياء البياتي وقد نصحوه بأن يكون فنانآ بعد ان رأوا موهبته.. على اية حال.. كان يعتبر ذلك للمتعه ليس إلا ... وعندما تم الدراسة الاعداديه. ذهب للتقديم لكلية التجارة .. الا انه كان متأخرا كثيرا فقد ذهب الموظف الذي كان يجمع الطلبات.. وبقي حائرا.. الا ان موظفة مهذبة قالت له.. كيف حالك باللغة الانكليزيه قال لها. جيده.. قالت اذن لم يبق غير معهد اللغات العالي. فقدم اوراقه وتم قبولة بهذا المعهد..وانسجم في هذه الاجواء الجديده وكان دائم النكتة والحركات المضحكة امام زملائه وزميلاتة وهم فرحون.. ويوما ما قال له زميله (محمد سعيد هادي) انت فنان موهوب لماذا لا تقدم لأكاديمية الفنون وهي افتتاح جديد الان ( وكانت لديه معلومات جيده كونه يشتغل اداريا في الاذاعة) ولكن غدا خميس وهو آخر يوم للتقديم الا ان روميو انتظر الخيوط الاولى لصباح الخميس وانطلق مبكرا الى اعدادية التجارة طلبا للوثيقة واستقبله المدير وقال له تستحق هذه الوثيقة روميو انت موهوب.. ولكن عليك ان تسرع قبل انتهاء الدوام ذهب مسرعا الى دار المعارف وختم الوثيقة من عدة غرف متلاطمة مع بعضها بطريقة ابواب بارات افلام الكابوي.. واخيرا وقبيل انتهاء الدوام حيث ان الخميس (نصف دوام) ذهب الى مبنى الاكاديمية الكائن في بيت (بهجت العطية) مدير الامن العام في العهد الملكي وكان بيتا زاخرا بالحدائق الغناء والكائن في منطقة الصليخ.. تقدم بالوثيقة الى رجل سمين جالسا على كرسي ومنضدة وقال له.. هذه فقط الوثيقة وليس لدي المكملات الاخرى من عدم محكومية وغيرها... لكنة قال هل ختمتها من المعارف.. قال نعم.... قال الموظف هذا يكفي والسبت اكمل المعاملة. فرح روميو كثيرا وهو ينتظر بلهفة يوم الاختبار ... عندما حان موعد الاختبار رأى وجوه معروفة في الوسط الفني واغلبهم خريجو معهد الفنون كراسم الجميلي. وعمو نؤيل رسام. ومهدي الصفار وضياء البياتي وبسام الوردي وجعفر السعدي واخرين.. وهنا اصابه اليأس بعدم مجارات هؤلاء الذين يمتلكون الخبرة ... دخل روميو الاختبار غير خائف وغير متردد. وكان يتصرف بعفوية مطلقة وكانت اللجنة متكونة ابراهيم جلال. وحكمت لبيب.. وماجد كامل. وجعفر علي.. وسأله جعفر سؤالا غريبا.. ما الفرق بين افلام هتشكوك وفلم سعيد افندي اجاب بكل عفوية وبراءة وبدون ان يحسب اي حساب... قال.. اوه فرق بين السماء والارض (هيتشكوك في هوليود وهذا سعيد افندي فيلم بسيط في بغداد) وقد ضحكوا كثيرا وكادوا ان يقعوا في الارض.. لهذه الاجابة المثيرة. لكنهم استحسنوا هذه الاجابة لأنها تلقائيه وبدون خوف.... حقيقة خرج روميو من الاختبار وهو غير مطمئن بعد هذه المقابله..... وعندما اُعلنت قائمة القبول كان منزويا في زاوية بعيده لكنة تقرب الى القائمه وقف منذهلا بان اسمة السادس.. وكان الاول عمو ويلية ضياء البياتي ومهدي الصفار ثم راسم ثم روميو... بدأت الدوره الاولى من ١٤ طالب ١١ طالب و٣ طالبات انسحبتا اثنتان وبقيت واحده اسمها امل ضياء الدين وكانت اكاديمية الفنون تدرس فقط سينما وبعد ذلك استحدث المسرح... اهم المدرسين حكمت لبيب/ماجد كامل/د. علي جواد الطاهر (كيف تكتب قصه وتحولها الى سيناريو) اسعد عبد الرزاق (المسرح العربي) جعفر علي (تمثيل نظري وعملي).. كانت دورة متميزة.. بحيث وجه لهم الاستاذ اسعد عبد الرزاق دعوه الى فرقة ١٤ تموز التي كان يرأسها وعمل وتعلم الكثير في تقديم البرامج باللغه الفصحى كذلك كان لهم اسبوعيا تمثيلية وكان يحصل على مصروفا جيد. كما تعرف على الكثير بما يحدث داخل الاستديو وكذلك كان يساعد المصورين في سحب الكامرة لانها كان كبيره و ثقيله جدا وتعرف على ابو سعاد ومحمد خطار.. كذلك بهجت العاني منفذ الصوت..............
••••● احداث ومفارقات ●••••
استمرت الدراسة في اكاديمية الفنون الى ان جاءت 8 شباط كانت فتره عصيبة تم الغاء قسم السينما وتحولت الى قسم المسرح والسبب عدم توفر الاشرطه التي كانت مصلحة السينما والمسرح التي تزودهم بها والتي يرأسها الراحل يوسف العاني.. وحل الراحل جاسم العبودي عميدا بدلا عن الراحل خالد الرحال. وكانت الاجواء متوتره جدا ونقلت الاكاديميه الى مبنى جديد قرب ملعب الكشافة.. وفي نهايه عام ٦٣ تبدلت الاجواء وحين اطلق سراح الراحل خليل شوقي من السجن عمل مسلسل اجتماعي اسمه (القفص الذهبي) وقد ضم مجموعة جيده من الفنانين. خليل شوقي .. كريم عواد.. فوزية عارف.. سامي السراج.. كاظم الزيدي. روميو يوسف.. مي شوقي.. واخرون. وقد اطلقوا على انفسهم (المسرح الفني) تيمنا بمسرح موسكو الفني الذي اسسه ابو التمثيل (ستانسلافسكي) وقد قدموا اعمالا كثيره.... تخرج روميو يوسف عام ١٩٦٤ وكانت الاكاديمية تمنح دبلوم عالي وهي الدوره الاولى.. ولكن جاء قرار من الحكومة بأنهم لابد ان يدخلوا الخدمة العسكريه في مدرسة الضباط الاحتياط ولكن الفرقة القومية كانت تبحث عن ممثلين وقد اشترك في مسرحية تاجر البندقيه اخراج الراحل سامي عبد الحميد. وكان على روميو ان يطيل شعر رأسة لما يتطلبة الدور وله اجازة رسميه في ذلك غير ان هذا الحدث تزامن مع دخولة الجيش مما اثار استياء الضابط المدرب الذي كان يردد بعصبية ماسكآ بشعره (اشوكت تخلص المسرحية).
مديرية التوجية المعنوي في وزارة الدفاع تقدم في الاذاعه برنامج (ركن القوات المسلحه) وقد انتدبت هذه الوجبه من الفنانين للعمل في البرنامج وقد استغلوا بناية متروكة خلف الاذاعة وقد اسسوا اذاعة مستقله وبهمة ونشاط كانوا يكتبون ويخرجون وفعلوا كل شيء مما اخذت الغيره في اذاعة بغداد تفعل فعلها.. لكنها لاحيل لها حيث ان القرار من جهات عليا بتأسيس اذاعة القوات المسلحه وقدموا البرامج المتنوعه كذلك التمثليات حيث استقطبت جميع الجنود الموهوبين من بينهم المخرج التلفزيوني الراحل علي الانصاري الذي جلب بيده كاسيت مهم جدا والذي احدث قفزة نوعيه في تاريخ المطرب صاحب الكاسيت.. وتوسل ان يبث بدلا عن وقت بث اغاني ام كلثوم.. هذا الكاسيت لأغنية (الهدل) لياس خضر.. وحال الانتهاء من بثها لم تتوقف الاتصالات من الجنود والمستمعين بأعادتها وانتشرت كالنار في الهشيم في البيوت و المحلات والاسواق والمقاهي.. ومن المفارقات الاخرى كان روميو يوسف مذيعا على الهواء ومن بين الاخبار اذاع خبر وفاة المطربه المشهوره (عفيفة اسكندر) تبين انه خبر كاذب وقد اتصلت حالا قائلة (ليش عيني موتوني) اعتذروا منها وعملوا لها لقاءا خاصا.. كما عملوا مسرحية تمثيل صامت في المسرح العسكري امام الضباط والجنود لكن احد الضباط الكبار اوقف العمل وقال (اگول. راح تبقى المسرحية خنساوي) وقدموا اول تمثيلية سهره اسمها (الغائب).. بعدها تسرحت هذه الوجبة من الجيش الا الفنان راسم الجميلي الذي طلب التمديد وبقى حتى اصبح برتبة رائد..
كانت الدوره الاولى في اكاديمية الفنون تتألف كل من عمانوئيل رسام /كَ/بسام الوردي/عادل داوود/ مهدي الصفار/ امل ضياء الدين/روميو/ يوسف/راسم الجميلي/قحطان محمد احمد/فاروق اوهان/ نجيب عربو/ضياء البياتي/تخرجت عام ١٩٦٤..توظف روميو يوسف في برنامج الامم المتحده للتنمية لكن عينة غير بعيده عن الوسط الفني وبالاخص فرقة المسرح الفني لذلك قدم استقالتة والتحق بزملائه بالفرقة وكانت الجمعية البغدادية الكائنة في الصليخ التي اسسها نخبة من المثقفين وابرزهم جبرا ابراهيم جبرا وسامي عبد الحميد نشطه باستقبال الفرق المسرحية وقدمت مسرحية (مدرسة القشبة) تاليف رتشارد شريدن واخراج سامي عبدالحميد ومسرحية (البستوگه) اخراج سامي عبدالحميد ومسرحيات اخرى وبعد عودة الراحل يوسف العاني من الخارج عام ١٩٦٧ اتفق مع الراحل ابراهيم جلال والراحل خليل شوقي لدمج الفرقتين واصبحتا تحت اسم (فرقة المسرح الفني الحديث) وقدموا مسرحية (صوره جديده) ثم مسرحية (المفتاح)عام ١٩٦٨وقد لاقت نجاح منقطع النظير.. وقد افترش الجمهور الممرات كان ينظر بشغف. وصولا الى خشبة المسرح وقدمت بطريقة المسرح البرشتي. وهنا استأجر مسرح بغداد من رجل كان شغوفا في المسرح اسمة طارق الغزالي كانت الفرقة حاولت مرارا ان تشتري المسرح الا ان سعره كان غاليا.. قدمت الفرقة مسرحية تموز يقرع الناقوس وقد ضمت اربعون ممثلا لذلك قدمت في المسرح القومي..واستمرت العروض الناجحه الى جاءت مسرحية النخلة والجيران التي ضربت رقما قياسيا في حضور الجمهور وعرضت ايضا في المسرح القومي نظرا لتوفر المسرح الدوار كذلك المسرح الاوسع وديكور كاظم حيدر
استمر حضور ونشاط روميو يوسف في الفرقة بين ممثل ومخرج وفني واداري وفي الانتاج ايضا منذ ستينات القرن الماضي وكانت اشهر ادواره في التلفزيون هي شخصية صاحب البار في تمثيلة (عبود يغني) اعداد الكاتب والمخرج عبدالوهاب الدايني... الى ان حل عام ١٩٧٤ في آخر عمل له في مسرحية (الجومة) التي منعت رغم جهوزيتها للعرض بعدها استطاع الحصول على زمالة من دولة رومانيا وقد باع الكثير من مقتنيات بيتة وحتى مكتبتة ليغطي تكاليف السفر لدراسة الدكتوراه في بوخارست.. والتقى هناك بالاستاذه المشرفة على دراستة(ايليانا ريبرلوجا) والتي اشادت بالمسرح العراقي حيث شاهدت مسرحية (الخان) ومسرحية گلگامش في المسرح الصيفي في بابل وكان من بين زملاءة د. صلاح القصب. د. عباس علي جعفر. د. عبد المرسل الزيدي.. وبأشراف نفس الاستاذه.. عمل الكثير واسس اذاعة في كندا.واشتغل مسرحا للآشورين.. وهو الان متقاعد يعيش في دعة وسلام مع عائلتة وقد اكتسب الجنسيتين الكنديه والرومانيه...
منقول ..
للمتابعة اضغط على الرابط ادناه لصحيفة الزمان العراقية
https://www.azzaman-iraq.com/content.php?id=64514
Reacties
Een reactie posten