التحرر من قيد الانتماء الحزبي / بقلم د ـ فالح حسن شمخي
التحرر من قيد الانتماء الحزبي
د ـ فالح حسن شمخي
كثر الحديث هذه الايام عن العقل والحرية والقيود التي تفرضها الاحزاب العقائدية الايدلوجية على الفرد المنتمي ، لاسيما في اوساط ابناء العراق ومنهم اصدقائنا والبعض من ثوار تشرين الشباب ، ليعلم اصدقائنا ان هذه الدعوات من حيث المبدا ليست جديدة ، فقد صاحبت الانسان منذ ان تشكل وعيه وقد تم دراستها بشكل مستفيض على يد كبار الفلاسفة والمفكرين وعلماء الاجتماع وتحت عناوين مختلفة ومنها عنوان { العقد الاجتماعي} ، وكان لكل من هؤلاء الدارسين وجهة نظره الخاصة ، انا شخصيا ارى من الضروري استعراض وجهات نظر من بحث في هذا الموضوع بايجاز ، والهدف من وراء استعراض هذه الافكار هو الفائدة ودعم وجهة النظر التي اروم الدفاع عنها في هذا المقال مع ملاحظة ان مفردة الدولة التي ستمر علينا ، قد فهمتها على انها الحزب ، وهنا امارس اعمال العقل والحرية الشخصية .
تقسم نظرية العقد الاجتماعي إلى ثلاثة أنواع تبعاً للمفكرين الذين نظروا لها، واعتقدوا بوجود عقد اجتماعي يبرر ظهور المجتمع المنظم، نوجزها بمايلي :
1 ـ توماس هوبز (وهو فيلسوف بريطاني) رؤيته في العقد الاجتماعي في كتابة اللفيتان (الطاغوت) الذي نشره في عام 1651م، حيث يعتقد أن الإنسان أناني وشرير بطبعه.
وتكون الحالة الطبيعية وفق هوبز "حالة حرب الكل ضد الكل" والهدف الحفاظ على الذات، وبعد وقوع العديد من الضحايا والخسائر البشرية.
يتوصل العقلاء من الناس إلى ضرورة وجود عقد اجتماعي هدفه ضمان الأمن، وذلك بإنهاء الحالة الطبيعية، والتي تعني التخلي عن كل الحقوق الطبيعية للأفراد لصالح الدولة.
{ ان الطريق لبناء الدولة من وجهة نظري هو الحزب العقائدي الايدلوجي المنظم الذي حلل الواقع المعاش تحليلا علميا ، واوجد قوانين بديلة يراها افضل }
2 ـ جون لوك (وهو فيلسوف بريطاني) نظريته في العقد الاجتماعي في الرسالة الثانية من الحكومة المدنية التي نشرت في عام 1690، ويعتقد لوك أن الإنسان خيّر بطبعه وطيب.
وتتميز حالة الطبيعة بوجود الحرية الفردية والملكية الخاصة، وللحفاظ على حياة الأفراد، وتجنباً لحصول نزاعات بينهم، يتفقون على عقد اجتماعي.
يتخلون بموجبه عن بعض حقوقهم الطبيعية لصالح الدولة (مثل حق معاقبة من يتهدد حياتهم أو ممتلكاتهم)، وبالمقابل لا يحق للسلطة الاستبداد بالأفراد.
وإلا فسيتمردون ضد الدولة ويستبدلون الحاكم بحاكم آخر يلبي طموحاتهم وهنا يعد لوك مدافعاً عن الليبرالية كنظام حكم يقوم على وجود الحكومة الشرعية.
ومنعاً لإساءة استخدام السلطة التي تم تقسيمها إلى سلطتين تشريعية تضع القوانين، وتنفيذية تنفذ القوانين، وقضائية تراقب عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية وفقا لمنظوره.
{ عملت الاحزاب الايدلوجية والعقائدية على التماهي مع وجهة النظر هذه من خلال مبدأ الديمقراطية المركزية ومبدأ النقد والنقد الذاتي ، اعتقادا منها بان هذه المبادئ هي ماينظم العلاقة بين العضو الحزبي والحزب }
3 ـ جان جاك روسو (وهو فيلسوف فرنسي) نظريته في كتابه العقد الاجتماعي الذي نشر في عام 1762، حيث يعتقد المفكر الفرنسي جان جاك روسو أن الإنسان في الحالة الطبيعية ليست خيراً وليس سيئاً.
ولكن المجتمع يفسده بسرعة، حيث يعمل الجميع على تحقيق مصالحهم الشخصية، ويهدف العقد الاجتماعي إلى جعل الشعب صاحب السيادة.
حيث يتخلى الشعب عن اهتمامه بالمصالح الشخصية والتفرغ للمصلحة العامة، وبموجب العقد يتخلى الأفراد عن كل حقوقهم للدولة ولكن دون أن يخسروها.
في المقابل يجب أن تكون الدولة عادلة، وفي حال إخلال الدولة بعدالتها يحق للأفراد تغيير الحاكم فيها بموجب الحقوق ذاتها التي تنازلوا عنها.
{ الدستور والنظام الداخلي لاي حزب ايدلوجي عقائدي يترجم وجهة نظر روسو هذه ، من خلال القيادة الجماعية والمؤتمرات الحزبية والاغلبية في التصويت هي التي كما اعتقد تصون حقوق الاعضاء الحزبين }
وحتى نستمر في الدفاع عن وجهة نظرنا في هذا المقال ، علينا ان نمر وبشكل سريع على فلسفة الاخلاق التي تعاملت مع مفهوم السعادة ، نعرف جيد وبشكل بديهي بأن السعادة هي الهدف الاعلى والاخير للانسان المنتمي واللامنتمي ، للفرد وللمجتمع ، فالمفكر يستخدم عقله لتحقيقة سعادته وسعادة المجتمع وكذلك الحال مع الفيلسوف والاديب والفنان والسياسي ، ولكل منهم طريقته الخاصة وادواته التي يستخدمها لبلوغ السعادة ، فالفيلسوف يحقق سعادته من خلال فلسف التوليد او المثل اوالحس او ان يكون رواقيا ...الخ ، والمفكر سيجد سعادته في تفسيره وبحثه في مجال صراع الحضارات او باعتقاده بأن الاقتصاد والصراع الطبقي هو المحرك والمركز الذي يدور حوله الكون او ان يكون الصراع القومي هو المحرك لتحقيق السعادة للمجتمعات والامم ومنها الامة العربية ، اما الاديب والفنان فوجد سعادته في بحثه في مجال ، العبث واللامعقول والسريالية والبرناسية لذا اختلفت المذاهب الادبية والفنية ، ولقد دار صراع فكري مرير على الشكل والمضمون والفن للفن والفن للمجتمع والبطل الايجابي ومن خلال هذا الصراع خرجت علينا فكرة السوبر مان وفلسفة فريدريك نيتشه ، المهم ان الصراع والافكار المطروحة اعلاه كلها تهدف الى تحقيق هدف واحد ونهائي وهو السعادة {الخير المطلق}.
{إنّ اختلاف المذاهب الفكريّة والفلسفيّة منذ الإغريق وحتى العصور الحديثة يؤدي إلى الاختلاف في النظر الى المفاهيم المتنوّعة والتي منها مفهوم السعادة، فمنهم من يراها في الذات الحسيّة، والبعض يراها في التفكير والوعي العقليّ، ومنهم من يجدها في الحس والفكر معاً، وفي هذا المقال سنتطرق إلى آراء بعض الفلسفة العظماء في النظر إلى مفهوم السعادة وتحديده.
1 ـ يرى أرسطو أنَّ السعادة ترتبط بتحقيق الخير، ويصنف أرسطو السعادة إلى أنواع وهي:
أ ـ السعادة المرتبطة باللذة الحسيّة وتكون في نظره عند السواد الأعظم من الإنسان الأكثر غلظة وقساوة.
ب ـ السعادة المرتبطة بالشرف والتشريفات وتوجد عند الطائفة السياسيّة.
ج ـ السعادة على أساس من التأمل.
كما ويرى أرسطو صعوبة الإقرار بمدى سعادة الفرد بعد موته، لأنّ ذريته وسلالته قد تشقى بعد موته؛ لذا فالسعادة مسألة حكمة وتريّث، ومسألة عقل وفكر خاصة في الجانب المتعقّل من الفرد.}
ويعتقد الفيلسوف المسلم {الفارابي} أنّ السعادة ليست في السعادة الشخصيّة، وإنما في السعادة الجماعيّة، فهو يبحث في الأشياء التي تحقق السعادة لأهل المدن كجماعة.
مما تقدم ارى ان على الاصدقاء الذين يدعون الى التحرر من سلطة وقيود الاحزاب الايدلوجية ان يحددوا المكان الذي يجدون فيه سعادتهم وان لايصادرون حق الاخرين وبالذات المنتمين الى احزاب ايدلوجية عقائدية والذين وجدوا سعادتهم في هذا الانتماء ، ووجدوا سعادتهم بالانتماء الى الجماهير الكادحة التي هي من تستحق السعادة ولو على حساب الفرد ، فما معنى ان يعيش الفرد حرا في مجتمع عبيد؟
وما معنى ان يعيش الفرد سعيدا في مجتمع تعساء ؟
ولماذا دفع الانبياء والمفكرين والفلاسفة حياتهم على طريق بحثهم عن الحقيقة وسعادة الانسان {المجتمعات التي عاشوا فيه}.
Reacties
Een reactie posten