مَن العاقلُ ومَن المَجنون ؟ بقلم مَحمود الجاف



بسم الله الرحمن الرحيم

مَن العاقلُ ومَن المَجنون ؟


مَحمود الجاف

زرتُ يوماً مُستشفى المَجانين ...
وبعد أن ركنتُ السيارة تقدَّم إليَّ شابٌ جميل وقال : اعطني سيكارة . ثم رَدَدَ ( إثنانِ لايوجَدان صَديقٌ صَدوق وبَيض النوق ) وهَربَ مُسرعاً كالطيارة .
وحين مشيت قليلا رأيتُ صبياً يعزفُ على سعف نخيل يظُنهُ قيثارة . مُبتسمٌ سعيد يَرتدي نَظارَة . وقربه بنتٌ جميلةٌ تغسلُ الثياب تحتَ النخلة قالت : انا أخافُ من الفارة . وبعيدا عنها مُسناً كبير قِيلَ كانَ وزير . يجلسُ وحيداً يحملُ سِنارَة ...
والله لو رأيتُم ما رأيت لقلتُم : صدق من قال الدنيا دواره . ومُخادعة وغَدَّارة
لهذا لابد للإنسان أن يفكر في حياته ويتوب ويتخذ فوراً قراره ...
ثُم دخلتُ غُرفة المُدير الذي كانَ يخلعُ إزارَه . إعتذرتُ وأغلقتُ البابَ بقوة فكسرتُ إطاره . وبعد ان اكملت عملي وخرجتُ إلى الدنيا رأيتُ شيخاً يبكي زوجته وصغاره ...
إنفجارٌ كبير أحرق السوق وَطفلا يَحملُ صَفارَة . اشعل الوقود في السيارات ومَحلات عِطارة . ومرَّ قربي رجلاً يصرخ ويُرددُ . والله سآخذُ ثاره . سآخذُ ثاره ...
هل ضاع العُمرُ ومَضى قطارَه ؟
ام إنتهى بلدي وأُطفِأت أنوارَه ؟ ...
أيُها المُهجَّر والمُهاجرُ الذي تركَ دياره ... حدثني عَن وطني وأخباره ...
هَل مازالَ الظُلم يَسود ويحكُم القومُ شِرارَه ؟
هَل ضاعَ التاريخُ وذهبت دماء الشهداء خسارَة ؟
لم أرى بينَ المَجانين ظُلم وحقارَة . ولا سائق مُتهور يضربُ إشارة
انهم لايعرفون قومية ولادين ... كُلهُم مَجانين . لايُجيدون الإثارة .
وسجنهُم كَبير عاليةٌ أسواره .
مَن العاقلُ وَمن المَجنون ؟
نَحنُ أم الذي لايَعرفُ يَمينهُ من يَساره ...

2020 . 07 . 09

Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

العرب الاقحاح وهستيريا نجاح الفارسي بقلم الدكتور فالح حسن شمخي