الحلم ... بقلم د - فالح حسن شمخي

 

الحلم

د - فالح حسن شمخي

لكل انسان منا هدف (حلم )، يعيش عليه ومن اجله في هذه الحياة التي يقال انها فانية ،ومن اجل تحقيق هذا الهدف يجد الانسان في  البحث عن اسلوب او طريقة لتحقيق هذه الهدف ، لكن الامر  هذا  يتطلب ان تكون الغاية (الهدف) والوسيلة (الطريقة) من نفس الجنس والجوهر، فلايمكن ان يكون الهدف خير والوسيلة الى بلوغه يتلبسها الشر ،  فالهدف السامي النبيل يتطلب ان تكون الوسيلة لتحقيقه سامية ونبيلة ايضا والعكس صحيح .

الاهداف التي يتطلع اليها الانسان كثيرة ومتعددة ومن بين هذه الاهداف هي الاهداف السياسية، والاهداف هذه  نوعان: الاول يتدنى عند البعض ليكون ارضاء للغرائز وللشهوات الانانية التي نراها تتجلى في الهوس للوصول الى الموقع الذي يحقق عبره هذه الرغبات ، وبالتالي فان  طريقه واسلوبه في العمل السياسي الذي يسلكه يكون  سلوكا انتهازيًا وصوليا  مع شيء من الدجل ومسايرة الظروف اي يسلك من خلالها سلوك الحرباء .

اما النوع الثاني فهو الذي يرتقي الى التعبير عن حاجات وتطلعات الشعب الذي ينتمي اليه ومن بين هذه الحاجات هي  التخلص من الفساد و السياسين الفاسدين واستعادة ثقة  الشعب بنفسه وبالتالي قبول سياسيين ارقى وافضل  من السياسيين الجاثمين على صدره،  ارقى في خلقهم وفكرهم وكفاءتهم.

وباسقاط ما تقدم على السياسيين  الذين ابتلى بهم شعبنا في العراق بعد الاحتلال عام ٢٠٠٣ م والذين يمكن ان نصفهم بوصف بسيط وهو  انهم  لايفهمون روح  الشعب الذي تمتد حضارته الى الاف السنين ، وبانهم نتاج احتلالين امريكي وفارسي ،  وبانهم ثمرة سيادة المفاهيم الميكافيلية والبرغماتية، وبانهم عشب ضار نمى وترعرع في اجواء  بعيدة كل البعد عن الام الشعب وماسيه وعلى راسها الم (الحصار القاتل)، الذي فرضته امريكا على العراق  .

ومع وجود الفاسدين في العراق نجد ان هناك نوع اخر من السياسين الذين يريدون ازاحة العملية السياسية برمتها والذين امنوا بالتغير  (الحلم )، انهم  ابناء اصلاء خرجوا من رحم الشعب  وعرفوا حقيقته ، احلامه وتطلعاته ، يريدون تحقيق الحلم  الذي طالما راودهم والذي يرون خط شروعه في ثورة تشرين التي رفعت شعار نريد وطن ، سياسيين خرجوا متوجهين الى الشعب وحده معبرين عن روحه وامانيه يملأهم الاعتزاز  بانفسهم والشعب الذي صودر قراره ، هذا النوع من السياسيين سيثبت للعدو والصديق بانهم  الطليعة القادرة على احداث التغيير وتحقيق الحلم وبانهم  من نتاج هذا الشعب المكافح، لا من الفئة التي تتسلط  على رقاب الناس بمساعدة الاجنبي.

ان اساليب العمل الصحيح لتحقيق الاهداف السياسية العليا لابد ان تستمده من الحياة التي يعيشها ابناء الشعب هذه الايام، فالعمل السياسي الحقيقي مرتبط بالفكرة (الحلم) التي تراقبه وتلازمه، وهذا العمل ينبع بالضرورة من الواقع الحي المتجدد الذي يجيب  ويستجيب  لضرورات هذه المرحلة التاريحية التي يمر بها  الشعب ، المرحلة التي تتارجح بين الضعف والانحراف، وبين اليقظة والعنفوان والتي نراها جلية في المقابلات التي تجريها الفضائيات والتي تعبر بصدق وعفوية عن تطلعات واماني الشعب .

علينا ان نحلم باليوم الذي نزيل فيه الغبار عن المفاهيم والقيم الاجتماعية التي ترسخت ورسخها  المحتل والذيول  عبر الابتعاد عن الصيغ الجامدة والقيم الميته، ولابد للعمل السياسي المرتبط  (بآلحلم) ، ان يبزغ من الارض والمجتمع وهذا لايكون الا بتغيير كل الاوضاع والمفاهيم الذاتية والموضوعية القائمة.

علينا الايمان بان الفكرة الصحيحة التي فيها القابلية على التجسد  بعمل صحيح مثمر ومنتج ،  وهذا  ياتي من خلال  التخلص من الفكرة التي لا تصلح ، وان يتم التخلص من الاساليب والاغراض التي لاتحدث اي تغيير جوهري في تفكير الناس واخلاقهم وبالتالي في اساس حياتهم، ان عدم فهم الفكرة وضعف التعلق بها يؤدي الى اختلاط الحابل بالنابل وذوبان الفوارق بين القيم  وفقدان الثقة بالمبدأ من حيث هو مبدأ وتشابه التصرفات والنتائج بين الوطنية والخيانة.

ان التهاون والتساهل في الاسلوب يعني  التفريط بالفكرة (الحلم) نفسه، وان  مهمة الحالمون هي التنبيه والعمل على رصد اي انحراف والعمل على استرجاع  القيم النبيلة و الفكرة والثقة بها ، وتوجيه  العناية الى الاسلوب باعتباره الميزة الوحيدة والفارق الحقيقي بين الافكار وعلاقة هذه الافكار بالعمل  ، مهم جدا التركيز على علاقة الفكرة بالاسلوب، وان تحدد هذه العلاقة بشكل يجعل الاسلوب تتمة عضوية للفكرة، فلا يبقى هناك فارق بين الغاية الشريفة  والوسيلة  وهذا ماتقتضيه المرحلة الحالية التي نعيشها .

ان الواقع الحالي الذي يعيش فيه ابناء العراق فاسد لكنه لايعبر عن الحقيقة الكامنة في عمق الارض وفي نفوسهم، وان النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه ابناء هذا الشعب متفسخ، لكن هناك ماهو ارقى منه وهناك مستوى اعلى من هذا الواقع ياتي عبر العمل الشعبي الذي تتكامل فيه الاداة التي تقوى على احداث التغير، العمل الشعبي الذي تنتشر فكرته وتعمم على انحاء العراق  ليتم التغير الشامل في الاخلاق والفكر والحكم والتشريع للوصول الى المجتمع المنشود (الحلم)، الحر الموحد، حيث يكون الانسان (الفرد) في مكانه المناسب ويبدل حكم المأجورين بحكم الفكر والعمل.

Reacties

Populaire posts van deze blog

قراءة في كتاب ٤٠ عاما مع صدام حسين لمؤلفه نديم احمد الياسين / بقلم / سلام الشماع

اصل تسمية بغداد

العرب الاقحاح وهستيريا نجاح الفارسي بقلم الدكتور فالح حسن شمخي