الثابت والمتحول في السياسة .. بقلم د - فالح حسن شمخي
الثابت والمتحول في السياسة
د - فالح حسن شمخي
الثابت
والمتحول عنوان أطروحة دكتوراه للشاعر العربي السوري اودنيس تحدث فيها عن الأدب
العربي والتغيرات التي حدثت له عبر السنين منذ ماقبل الاسلام مرورا بالحضارت
الاموية والعباسية الى يومنا هذا.
أستعير
العنوان للتحدث عن الثابت والمتحول في العمل السياسي عموما والعربي على وجه الخصوص
والذي يبدأ كنظرية يجتهد في صياغتها بشر مثلنا استنادا الى الظروف الموضوعية
والذاتية للامة والمجتمع ، يغني هذه
النظرية الواقع عند التطبيق .
النظريات
السياسية هي نتاج انساني حتى التي فسرت النص المقدس وهي نسبية وليست مطلقة او
مقدسة اوثابته ، وبالتالي فالنظرية قابلة
للتحول والتجدد وتحتمل الخطا والصواب.
تولد
النظرية من رحم أمة أو شعب كما يولد الانسان وتتشكل النظرية استنادا الى الظروف
الموضوعية كما قلنا التي تعيشها الأمة أو الشعب ، كما يتشكل الانسان استنادا الى
ماهو بايلوجي وماهو مكتسب ، وهنا لابد ان نقول ان العلماء حددوا نسبة البايلوجي
ونسبة المكتسب ، وهناك من قال بان الولادة اذا كانت طبيعية أو متعسرة تؤثر
بالجنين وهذا الامر من الممكن اسقاطه على النظرية السياسية التي تولد من رحم أمة
مع ملاحظة ان الامم الحية تختلف عن الامم الغير حية وهذا موضوع اخر.
دورة
الحياة تقول ان الطفل يشب ويشيب ويموت
وهو يحمل صفات تميزه عن اخوته أو أصدقاءه وعندما
يموت يورث شيء من خصائصه البايلوجية
وصفاته الشخصية لابنه من بعده لكن
بنسبة معينة يضاف اليها صفات الابن المكتسبة التي تكون الاساس في تشكل هذا الابن
نتيجة التجربة والمعرفة المُضافة ويلعب الزمن والبيئة الاجتماعية دور كبير في ذلك
التشكل ، وهكذا تتوارث الأجيال الخصائص والصفات شكلا ومضمونًا .
علينا
ملاحظة ان الأفكار لاتموت لان الامم
والشعوب تتوارثها.
السؤال
هنا ، هل نستطيع ان نسقط حديثنا أعلاه عن الانسان والأجيال المتعاقبة والزمن
المتغير على النظريات السياسية التي ولدت بزمن ما ونتيجة احداث ما وكان لها
ايدلوجية واستراتيجية وتكتيك وسمات ما ؟
إذا كان الجواب كلا فالسؤال الثاني لما
لا ؟
ان من
صاغ النظرية الفكرية هو إنسان مثلنا ، قد يكون له ذكاء مميز ومتقدم على اقرانه في
عصره لكنه قطعا لايمكن ان يكون ملاكا أو نبي معصوم لاينطق عن الهوى وعليه فان
الأجيال التي تؤمن بهذه النظرية وتنتمي
اليها لها الحق كما نعتقد في الإضافة والتجديد بما يتلائم مع العصر وماينتجه هذا العصر من تقدم في المجال المعرفي
وخصوصا التقدم العلمي ، فليس هناك نظرية إنسانية مقدسة أو ثابته.
لنأخذ
مثال الفكر الاسلامي السلفي الذي يقدس ملابس السلف الصالح ، هل يستطيع المنتمين
الى هذا الفكر العيش في شمال أوربا أو سيبريا بملابسهم التقليدية ؟ على مستوى
المضمون تابعنا مافعله طلبان والقاعدة في أفغانستان ومافعله داعش والمليشيات في العراق وسوريا ومافعله
الادعية والاخوان المسلمين وتابعنا انهيار
الشيوعية كنظرية في الاتحاد السوفيتي وهذه المتابعة تشير الى ان النظريات والأفكار
اذا تحجرت وتقدست واعتبرها الأعضاء من الثوابت فإنها ستنتهي الى ما انتهت اليه
الشيوعية والفكر الإسلاموي لانها نتاج بشر مثلنا.
التحول
هو ليس الثورة على ماهو ثابت بل هو استلهام الثابت وايجاد الطريق لثابت جديد
يتلائم ويتفاعل مع الزمن الذي نعيش فيه فليس من المعقول ان نواجه الليزر والقنبلة
الهيدروجنية والحرب السبرانية بالسيف والخنجر ونواجه الدبابات والطائرات
المسيرة بالخيول .
علينا
التسلح بالحكمة والتجدد والوعي والذكاء
لكي نمكن صاحب السيف ان ينتصر في تاكيد
ثوابته ، هذا ما اعتقد به كشخص وفرد واعتقاد الفرد فيه امكانية الخطأ والصواب .
Reacties
Een reactie posten