الانتفاضات الكردية .. انتفاضة عشائر مناطق باهدينان . بقلم / الفنان والاعلامي سيروان انور بابان
الانتفاضات الكردية ..
انتفاضة عشائر مناطق باهدينان .
بقلم / الفنان والاعلامي سيروان انور بابان .
الانتفاضات التي قادتها العشائر الكردية ضد الاحتلال البريطاني والذي اراد فرض ارادته على المنطقة وتنفيذ اجندته ،ولم تهدا الانتفاضة الكردية بدءاً من دخول المحتل الى خانقين وامتدادا عبر كلار وكفري والسليمانية وكركوك واربيل والمناطق البهدينانية في دهوك والعمادية ،وكانت انتفاضة العمادية والتي اوصلت المحتل الى هزيمة على ارض الواقع .
لكن اوعز الحاكم البريطاني بضرب الثوار ومدنهم بالطائرات واستخدموا كافة الاسلحة انذاك حتى استطاعت قوات الاحتلال في ٤ ايلول ١٩١٩ من السيطرة على العمادية ..
وكانت تصريحات الس،،،فالة البريطانية التي تصدر عن المسؤولين في جيش الاحتلال او عن المسؤولين السياسيين تعبر عن حقدهم على الشعب ، وكان احد تلك التصريحات ، والذي صدر عن المس بيل وقالت في حينها :
( ان العقوبة التي انزلها الجيش البريطاني كانت كافية )
وكانها تتحدث عن انتفاضة لشعبها في بريطانيا وليس لشعب مقاوم ، تم احتلال ارضة وقصفه بالطائرات ..هذا هو الحقد البريطاني الذي عبرت عنه سياسة المحتل..
لم يهدا الحال لدى الشعب الكردي هناك والعشائر تحديدا والقيادات العشائرية البارزة في عقرة والزيبار وبارزان رفضوا رفضا قاطعا سياسة المحتل واستخدموا منهجا جديدا في التعامل منه المقاومة العسكرية لتغير ، ولكن كانت تنقصهم الاسلحة الثقيلة انذاك كالمدفعية والطائرات .
وكان طائرات المحتل تطلق حممها على المدن ومناطق سكن العشائر ، وكذلك حاولوا استخدام العامل السياسي مع المحتل للمحاول من تقليل الخسائر والحصول على عملية تحرير وحكم وطني مستقل لهم .
الكولونيل بيل حاكما عسكريا وسياسيا على ولاية الموصل .
في ١٢ تشرين اول / اكتوبر ١٩١٩ تم تعيين الكولونيل بيل حاكم عسكري وسياسي على ولاية الموصل كلها ، وفي اول تسنمه المنصب اراد فرض القوة فعمل على القيام بجولة في مناطق عقرة وزيبار وبارزان وتحدث معه بقوة عسكرية وسياسية وفي هذه الفترة لم تكن القوات البريطانية قد احتلت تلك المناطق ،والمعروف لتلك المناطق يسكنها عشائر السورجية والزيباريين والبارزانيين والعقراويين وعشائر اخرى ومايميز تلك العشائر الشجاعة ،القوة والكرامة وعدم السماح بابتزازهم واحتلال اراضيهم بسهولة .
قام الحاكم العسكري بيل بزيارة وبرفقته قوة عسكرية ومعه معاونه الضابط سكوت .
واجتمع برؤساء العشائر ،وتحدث معهم واستخدم معهم لغة التهديد ليحدثم عما حصل للعشائر في كلار وكفري والسليمانية واخرها العمادية .
رفض العشائر هذه لغة التي يتحدث بها وخاصة بعد ان ان هددهم وطلب منهم التوقيع على دفع اموال ككفالة في حالة حدوث شيء ،وان يسلموا اسلحتهم جميعا.
مقتل الضابطان بيل وسكوت ومن معهم واندلاع المقاومة الكردية بقيادة الشيخ الملا احمد البارزاني.
اثارت المطالب والتهديدات التي اطلقها الضابط بيل ضد العشائر الكردية ثائرة العشائر جميعها هناك ، مما دفعهم لاتخاذ موقف سريع وموحد لجميع العشائر والتواصل مع الشيخ احمد البرزاني وقبل وصول بيل اليه واعلامه بما حصل معهم ..
وعندما وصل الضابطان بيل وسكوت ومعهم قوة عسكرية لمقابلة الشيخ احمد البارزاني . قد رفض مقابلتهم بسبب استخدامه لغة التهديد والوعيد مع العشائر والشعب.
وعندما رفض مقابلته، ارتاب الحاكم العسكري من موقف الشيخ احمد البارزاني ، وقرر العودة سريعا لمقرهم توقع ان هناك موقف سيحدث .
في هذا الاثناء ارسل الشيخ احمد البارزاني قوة بقيادة شقيقة الملا محمد صديق البارزاني للالتحاق بقوة الزيباريين بالقرب من ( منطقة وجسر دلال) ،وعند وصول بيل وزمرته، خرج عليهم قوة مقاومة مهاجمة شرسة واطلوا عليهم وابل من الرصاص والقنابل والقذائف وادت الى مقتل الضابطان ( بيل وسكوت) وجميع قوتهم، والبعض من قوة الدرك المرافقة للحاكم العسكري بيل وهم من المتطويين المحليين في الموصل تركوا الحاكم العسكري و انظموا الى قوة المقاومة .
وتحركت قوات الثورة لتسيطر على جميع المناطق التي احتلوها البريطانيين ويحررواها جميعا لتصل قوات المقاومة الى عقرة في تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩١٩ وهاجموا الحامية البريطانية ومنهم من المتطوعيين وتم قتلهم جميعا ومصادرة جميع الاسلحة والموجودات .
بعد ستة ايام وصلت الاخبار للضابط والحاكم العسكري في بغداد والموصل والى لندن ،فقررت القوات البريطانية من الانتقام .
هنا قررت قوات المقاومة البارزانية للعودة لحماية مناطقهم من قصف الطيران ،وكذلك القوات الزيبارية.
جاءت الاوامر البريطانية الى الحاكم العسكري في راوندوز المدعو ( كيرك ) بالتحرك بقوة عسكرية كبيرة للسيطرة على عقرة وجميع المناطق التي سيطر عليها الثوار.
تصدت العشائر السورجية للحاكم العسكري كيرك وقوته في الطرق التي يسلكها للوصول لمناطق النزاع في عقرة ..استطاع الوصول بمساندة القصف الجوي ، ووصلت اليه قوة مضاعفة من الموصل وبعد قتال شرس استطاع الدخول الى مدينة عقرة بعد ان تم قصف المدينة بالطائرات بقصف همجي.
ودمرت ممتلكات المواطنين وحرق مزارهم ومخازن تموينهم واسواقهم وجعلهم تحت حصار خانق.
واستمرت المعارك ولم تهدا في جميع مناطق باهدينان الى مطلع كانون اول / ديسمبر حتى نفذ سلاح العشائر ،وكان القصف الجوي قد دمر المناطق واستشهد الكثير من رجال المقاومة ومن عوائلهم الذين تم قصف مناطقهم بالطائرات والمدفعية ، ومهاجمة قوات مشاة كثيرة تم استقدامها من الموصل ومن مناطق اخرى..
وانتهت المعارك بسيطرة المحتل على تلك المناطق جميعها ،وانسحب جميع ماتبقى من قوات العشائر والثوار والمقاومة الى الجبال المنيعة ، لاجل اعادة ترتيب اوضاعهم .
لايمكن الانكار ان الانتفاضة في منطقة باهدينان قد كبدت المحتل البريطاني خسائر جسيمة ومنها قتل عدد من الضباط برتب كبيرة ، وكانت ردود الافعال السياسية في بغداد ولندن كبيرة على الخسائر البريطانية في تلك الانتفاضة ، كانت قد علقت الصحف البريطانية انذاك على ضوء الاحداث ..
( قبل ان نحل المسألة التركية نهائيا ، علينا اولا ان نوضح لانفسنا مدى رغبتنا البعيدة في مجال بسط نفوذنا على ارض واسعة تسمى عادة ميسوبوتاميا ) ، وهي تقصد بلاد مابين النهرين وكوردستان العراق واعتبروها من اشرس المقاومات التي جابهتهم .
وكان الحديث في اروقة السياسة والعسكر في لندن يطالبون بسحب القوات البريطانية من المناطق الثائرة والتي لم تهدا في كردستان العراق والاتفاق مع شخصيات فيها وتسليمها سياسيا وعسكريا الى بعض الموالين لهم مثلما حصل في تسليم العمادية في كانون اول / ديسمبر ١٩١٩ الى الشيخ عبد اللطيف الآغا وكان مواليا لهم ، وزودوه بالسلاح والاموال .
اما راوندوز فقط عينوا عليها اسماعيل بيك بن سعيد بيك قائمقام يؤدي مهمته .
ولم تهدا الثورة المسلحة التي تسلقت للجبال للتهيء لأي حدث قادم ومتوقع بعد ان وصلت اخبار الانتفاضة والمقاومة الى العشائر العربية في الجنوب والوسط وبغداد وجميع مناطق العراق .
وفعلا جاء الحدث الاكبر وهو ثورة العشرين في العراق والتي اندلت في جميع مناطق العراق وشاركت فيها العشائر العربية والكردية تحت قيادات كان لها دورا بارزا في الانتفاضات في جنوب العراق والوسط والغربية وكوردستان ،لتنتهي الثورة باعلان حكومة ملكية للعراق وتنصيب الملك فيصل ملكا على العراق .
وتنصلت بريطانيا من جميع الاتفاقيات ولم تمنح الكورد اي دورا سياسيا وجغرافيا واعتبرها الشعب الكردي انذاك انها عقوبة عليهم بعد انتفاضة الشعب الكردي من خانقين الى حدود الموصل ضد جيش الاحتلال وكبدوه خسائر جسيمة.
ولم يتوقف نضال الشعب الكردي في العراق والمناطق الاخرى التي وزعت بين ايران وتركيا وسوريا، حتى تم تحقيق الحكم الذاتي في العراق ولاول مرة في ١١ آذار ١٩٧٠ في ظل حكم حزب البعث العربي الاشتراكي وكان الرئيس في حينها الرئيس احمد حسن البكر وعن الجانب الكردي الزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني رحمهما الله ...
بالنضال والمقاومة وثورات الشعوب تستطيع ان تتحرر من الهيمنة الاستعمارية.وهكذا استقل العراق بعد ثورة العشرين .لكن لم يتوقف نضال الشعب الكردي ومازال مستمرا.
٢٤ شباط ٢٠٢٤
Reacties
Een reactie posten