السادة زعماء ايران .. بعد التحية ( الجزء السادس والأخير ) / بقلم عبدالخالق الشاهر
السادة زعماء ايران .. بعد التحية ( الجزء السادس والأخير )
عبدالخالق الشاهر
1. السياسة سادتي الكرام هي (فن الممكن) وليست (فن الحصول على غير الممكن) ، والحرب هي استمرار للسياسة بوسائل اشد عنفا ، وعليه فأن السياسة وخصوصا سياستكم تجاه العراق والمنطقة فيها عنف ناعم ، والحرب فيها عنف خشن احد اشكاله النفوذ الشامل ( سياسة-اقتصاد-اجتماع-عسكر) وخصوصا عندما يكون شكل النفوذ برضى الجماعة الواقع عليها النفوذ كالاستبداد برضى الجماعة المستبد بها ، وهذه باتت جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الإيرانية المبنية على التوسع ، وهذه لم اقلها انا بل انتم عندما طرحتم ولاية الفقيه وتصدير الثورة فضلا –وهو الاهم – مهمتكم الدستورية بتوحيد (الأمة ) الاسلامية ، وبما ان فن الممكن يعتمد على البيئة الدولية والإقليمية وحساب عناصر القوة والضعف الحاضرة والكامنة بطريقة علمية تضع في حساباتها ان المعنويات والثورية والأيمان بالمبدأ تضعف قيمتهما في الميزان كلما برز سلاح نوعي جديد ، وهذا ما اوصيت به في بحث لي في تسعينيات القرن الماضي (( يبدو ان علينا الترجل عن ظهور الخيل قليلا لنبني بلدنا فالمعارك اليوم لا تجري في سوح القتال بقدر ما هي تجري في مراكز البحوث والمختبرات والمصانع والمزارع )) وبعد الاحتلال الغاشم لبغداد وسط سكوت الجار والبعيد والضمير العالمي ، وقد كنت قد وصفت المشهد بالنسبة لكم في ندوة علمية عام 1991(( مثل – بكسر الراء - ايران وتركيا كمثل نائم حالم أفاق من نومه ليجد ان كل احلامه قد تحققت بعد ان خرج العراق القوي من الساحة الى حين)) .. ولعل الذي حقق لكم احلامكم معروف ومنها احلام الذين ما زالوا يتصورون ان النظام السابق سقط بجهادهم .
2. السياسة ايضا سادتي هي (علم المتغيرات ) فلا ثابت فيها الا المصلحة المتغيرة ، ولا ضعيف يبقى على ضعفه ولا قوي يبقى على قوته الا الجبار المتكبر جل جلاله الذي يداولها بين الناس ، وعلى الاقوياء اقليميا على الاقل ان يعوا ان العراق جزء من وطن كبير ، وأن البيئة الدولية قد تسمح يوما لبناء وحدته او تضامنه او تقاربه على الأقل .. وأن لم يحصل ذلك فلديكم شباب ثورة تشرين الذين ارادوا وطن والذين كنتم تتصورون ان الف فضائية تكفي لأن يعتزوا بالمذهب اكثر من اعتزازهم بالوطن ، والذين لولا دعمكم للحكومة لكانت العملية السياسية في خبر كان .. ما الذي تغير بعدها ؟؟ لا شيء .. القصة هي نفسها (انسداد اطاري) يريد القفز على نتائج الانتخابات التي هي درس لهم ولكم .. بينما المكون الاكبر كان اكبر عندما قال قولته (نعم للعراق الحر السيد ) ولا للتبعية لأي كان مهما كان دينه ومذهبه بل وحتى قوميته. حيث انهم لم يطالبوا بمذهب بل بوطن ..
3. الكلفة والتأثير سادتي مهمة في الحسابات الاستراتيجية ، وتخيلوا كلفة مشروعكم وأثره الايجابي على شعبكم ، وتخيلوا حضراتكم لو ان ردكم على رسالة العراق للمباركة بالثورة لم تبدأ بالسلام على من اتبع الهدى ، ولو ان خياركم لم يكن الاستمرار بالحرب (8) اعوام بلا نتيجة ، وصرفتم مئات المليارات على تلك الحرب وخصصتم ذلك لرفاه شعبكم ، وخصصتم له ما صرفتموه من تريليونات على اذرعكم في اليمن ولبنان والعراق ، وغيرها - ولو ان الوضع في العراق مختلف بسبب ان متروكات الجيش الامريكي خصصت لها وليس للجيش العراقي - .. اقول لو خصصت هذه الاموال والجهود الاعلامية وغيرها لبناء اقتصاد حقيقي يضمن رفاه الشعوب الايرانية خصوصا وأن الرفاه هو الوسيلة الحقيقية لتوحيد الشعوب وحبها للوطن الواحد ، وهي الطريق لرضا الشعب (( الأمن حالة رضى )) ولكنتم اليوم الأقل عزلة والأكثر تأثيرا ، فالثورات لا تصدر بمد الأذرع عبر الحدود بقدر ما تكون بنشر الأفكار من خلال بناء النموذج الناطق المقنع فالثورات والافكار يشع نورها اشعاعا ، كثورة اكتوبر التي نشرت الفكر الشيوعي في اصقاع الارض دون أذرع ، اما الفتوحات فكانت تصلح ايام صهيل الخيل وصليل السيوف وليس عندما ظهر الصاروخ النووي الروسي الاسرع من الصوت بأضعاف عدة وبحمل عشرة رؤوس نووية كل صاروخ يحمل عشرة رؤوس نووية كل رأس يكفي لتدمير ولاية امريكية .
4. بنفس نصيحة ميكيا فلي لأميره ذلك الرجل الذي ينتقد نصائحه الكثيرون ولكن ناقدوه من الزعماء يطبقون نصائحه حرفيا ومنها (( الغاية تبرر الوسيلة)) .. حيث ينصح اميره بأنه ان اراد القتال فعليه ان لا يحسب كم لديه من سلاح ومقاتلين بل ان عليه ان يحسب كم في خزائنه من ذهب .. واليوم بات الوضع اشد تعقيدا في هذا المجال حيث انه ان حصل الصراع مع دولة كبرى فالعقوبات ستكون قاسية ومدمرة ، وقد لا يسمح للعراق بأن يكون الرئة التي تتنفسون منها كما هو مسموح له اليوم ، خصوصا وأن نفوذكم فيه سيتقلص لكونكم ستكونون في وضع صعب يخف فيه نفوذكم على الآخرين ، الى الحد الذي قد تنشق فيه بعض الاذرع عنكم ان لم تفعل الدولة الكبرى ذلك بنفسها من خلال عمليات جراحية قد تقوم بها قبل المنازلة معكم ، بل هي قادرة على ان تغير مواقف حتى الطبقة السياسية للدول الموالية لكم خصوصا وانها تمتلك ملفات كثيرة في هذا الاتجاه .
5. مما يزيد عزلتكم الدولية تعاملكم خارج مبادئ القانون الدولي مع الحكومات الموالية وغير الموالية لكم، ولعل بسط الأمثلة تعاملكم مع الحكومة العراقية بالطريقة المعروفة كجولات السيد قائد فيلق القدس وموضوع تجارة المخدرات وغمط حق العراق في المياه وتذبذب تزويدها بالغاز الذي تعرفون اهميته لتوليد الكهرباء بحجة الديون والتي هي لا تساوي فرق سعر الغاز المجهز عن اسعار كل دول العالم ، وأخيرا وليس آخرا الضربة الصاروخية الاخيرة على اربيل خارج سياقات القانون الدولي ، والاعراف الدولية ، والجيرة لجار سلس مطاوع .. تقولون لأن (الموساد) موجود بالقرب منكم ؟؟ وهل الموساد لم يدخل طهران لحد الآن؟؟ نطنز تشهد ، ومقتل اعلى خبراء الذرة الايرانيين يشهد ، والعملية التي سرقت فيها الوثائق النووية تشهد .. واتفاقيات جنيف سادتي تمنع هذا العمل (( يمنع الهجوم قصفا بالقنابل على هدف عسكري يقع في او بالقرب من منطقة مأهولة بالسكان)) وهذا ما عمل به الجيش العراقي وقوات التحالف والحشد الشعبي حرفيا خلال معارك التحرير في نينوى والرمادي والفلوجة !!!!... وحجتكم انكم انذرتم العراق بوجود الموساد ، فهل يمكننا معرفة من انذرتم ؟؟ وهل قدمتم شكوى للأمم المتحدة ؟؟ أن ما حصل سادتي مهما قلتم هو عدوان غير مبرر على دولة كانت ذات سيادة ..
6. ندخل جميعا سادتي الكرام في عالم متغير على نحو سريع فلا ندري جميعا شكل النظام الدولي بعد اوكرانيا هل سيكون ثنائي ام ثلاثي القطبية ، وهل سيفضي ذلك الى تداعي امريكا التي دمرتنا وتريد تدميركم ، وهي بالطبع لن تتداعى بسنة او بعقد من الزمن بل بعقود ، وبكل الاحوال فأن وضعها سيكون حرجا مما سيقودها للتمسك بالشرق الاوسط ومنه العراق الذي خرجت منه ب(الاف القتلى) الذين صلى البعض على ارواحهم وشكروهم على غزو بلادهم..
7. ((الدول تبقى آمنة طالما هي غير محتاجة لدخول الحرب لتحقيق مصالحها )) بينما السلم هو الأمن .. والسياسة لا تعدم وسائلها في تحقيق المصالح المتبادلة فلا اخذ دون عطاء مع احترام مصالح الدول الاخرى فالمصالح المتبادلة هي المشروعة وليس بأن تكون مصلحة بلدكم او مشروعكم هي السائدة فلا حكومة في لبنان بوجود الثلث الموالي المتمثل بحزب الله وهكذا الأمر في العراق .. وتعلمون بالطبع ان ارادة الشعوب ترفض الذل والهوان والجوع وغياب الامن .. فالشعب العراقي مثلا يسأل ما هي مصلحتي من شراء الغاز بالسعر الفلاني من ايران وتحت قدمي تريليونات الاطنان من الغاز ، ولماذا لا تجرأ حكومتي على شراءه بموجب عرض افضل من مصدر آخر وهكذا ...
8. جرف الصخر سادتي هي قضية انسانية قبل ان تكون قضية سيادة وكرامة ، فإن لم تكن لكم رغم ان 99% من الشعب العراقي يتصورها هكذا فاعلنوا عن ذلك ولا تتركوا السيد الحلبوسي محتارا كما اعلن بنفسه، وبالتالي يتطلب الأمر انسحابا مشرفا منها وفائدة لكم على وفق حسابات الكلفة والتأثير ، وأن كانت ليست لكم فأن اعلانكم قد يكون فيه مغذي للشجاعة للبعض لمحاولة فك اللغز
لاحظتم كيف تتغير الاستراتيجيات في العالم وخذو مثلا الاستراتيجية الامريكية تجاه الشرق الاوسط ( العمودين ، الاعمدة الثلاث ، شد الاطراف ، بتر الأطراف ، مليء الفراغ ) وغيرها ، واعتقد في العام 2006 تقريبا افضت الى (بناء قوات مسلحة قادرة على سحق دولة عظمى ومشاغلة أخرىفي الوقت نفسه ) ولاحظوا سادتي الكرام من هم اعدائكم المعلنين اليوم ؟؟ انهم كثر ودول كبرى فأي دولة ستسحقون وأي منها ستشاغلون ؟؟
9. جربوا السلم سادتي ففيه الاعمار وفيه الرفاه وفيه الامن وفيه الوحدة الوطنية ، ولستم بحاجة لمن يقول لكم بأن تهديد التقسيم لديكم قائم اكثر مما هو في العراق فلديكم الكرد والعرب والأدريين وغيرهم وهذه قوميات لا تكفي الاديان والمذاهب لتوحيدهم وليس الأمر انقساما مذهبيا مزيفا وشاذا ةمؤقتا بين عرب مسلمين كما هو الوضع في العراق . . وسترون سادتي كيف ان سيركم باتجاه التطبيع مع السعودية وباقي الاقطار العربية سيخدمكم وسيضعف (اسرائيل) كثيرا ان كانت رغبتكم استراتيجية .. وسترون كم ان السلام العادل جميل .
سادتي الكرام
عذري في كل ما كتبت ولا احد يعرف خطورته على امني الشخصي بقدري ، هو اني احب بلدي وأتوق الى سيادته وأمنه واستقرار شعبه الذي يريد العيش بسلام مع لقمة عيش هانئة بعد ان عانى ما عاناه فضلا عن اني اعي اهمية التعاون معكم لبلدي فهناك الكثير مما يجمع بيننا وأهمه شيء اسمه (امن الخليج العربي) ويهمني جدا ان تعيش شعوب ايران الجارة (داخل بلدها) حرة وسيدة (على ارضها ومائها وسمائها ) .. متمنيا لها ولكم حسن المراجعة وحسن الجوار وحسن الخاتمة .. انه لسميع مجيب ،
والسلام عليكم ورحمة اله وبركاته .
Reacties
Een reactie posten